بإشراق شمس صباح هذا اليوم تدخل الهبة الشعبية في يومها الأربعين ومعها كل ايجابياتها وسلبياتها وشدها وجذبها والتي تحتاج من المختصين إلى تقيم صادق وواعي لسلسة الأحداث والتطورات التي حدثت على كل الصعد, غير أن مايخطر على بالي وبكل قوة إلى جانب كل تلك اللحظات العظيمة التي سطرها ولايزال يسطرها أبناء حضرموت دفاعاً عن حقوقهم المشروعة والمستحقة ما قاله فضيلة المنصب الشيخ عبدالرحمن باعباد في مهرجان أربعينية الفقيد سعد بن حبريش الحمومي ومرافقيه التي أقيمت في غيل بن يمين وهو موجهاً خطابه إلى السلطات المسؤولة في المركز قائلاً لهم بلهجة واضحة وصريحة (إن ما ينادي به أبناء حضرموت هي "حقوق وليست مطالب") ثم وجه كلامه إلى الحاضرين قائلا لهم كذلك (إن القضية ليست قضية شخص ولا قبيلة وإنما هي قضية حضرموت ومستقبلها) ليختصر بهذه الكلمات العميقة جوهر المعضلة وأساسها ويضع ويحدد المسؤوليات التي يحاول البعض التهرب منها وحصرها في قبيلة أو فئة دون أخرى ودون ربطها بالمستقل الذي نأمل ونرجوا ونتمنى ونسعى ونجتهد ونناضل ونكافح ونحارب من أجل أن يكون مشرقاً خالياً من أخطاء وتجاوزات وتراكمات الماضي البعيد والحاضر القريب.
ومن منا لم يدرك بعد أن السلطات في بلادنا وللأسف الشديد عودتنا وتعودت على أنها لا تستجيب للمطالب المحقة إلا إذا استخدمت معها أساليب غير ناعمة من قبيل قطع الطرق الرئيسية والدولية وتفجير أنابيب النفط والغاز ومحاصرة الشركات الكبرى والمؤثرة وعلى رأسها الشركات النفطية وقطع أسلاك الكهرباء والإنترنت وكذلك اختطاف الأجانب واحتجازهم وهو الأمر الذي أدى في كثير من المرات إلى إحراج السلطات المسؤولة في الدولة وحقق مكاسب مادية كبيرة جداً للخاطفين خصوصاً وأن معظم أولئك المختطفين كانوا رعايا لدول لها ثقلها وحجمها الكبير والمؤثر على الخارطة الدولية.
ذلك التعود الذي أنطبع في عقلية المواطن اليمني بشكل عام جعله يمارس تلك التصرفات ويعزف عن الأساليب السلمية والقانونية في التعبير عن المطالب والحقوق وألغى ما تبقى من هيبة واحترام وحب وطمأنينة وشعور بالفخر والاعتزاز والثقة بالسلطات المسئولة ورسخ مفاهيم الفوضى والبلطجة والعبث وأخذ الحق باليد لتدفن مع كل تلك التصورات والممارسات الخاطئة الآمال المعقودة على بناء وطن ومواطن يحترم سيادة القانون ويساهم في بناء دولته المنشودة التي دفعت في سبيل إقامتها الأرواح والدماء منذ الثورات الأولى.
لهذه السجل الحافل بالمماطلة والتسويف والتهرب والحلول السطحية من قبل السلطات المسؤولة لم نستغرب أن تتعامل تلك السلطات السابقة والحالية في الدولة اليمنية مع حقوق ومطالب أبناء حضرموت القديمة والحديثة بشي من ذلك الاستخفاف والتسويف والتهرب والحلول السطحية مع معظم الملفات والقضايا عن قصد ومن غير قصد وليس آخرها مطالب حلف قبائل حضرموت في مؤتمر وادي نحب الأول ومقررات مؤتمر وادي نحب في الـ10 من ديسمبر وما تناسلت عنها من قرارات وتطورات لازالت السلطات المسؤولة والمركزية في صنعاء تماطل في تنفيذها والاستجابة الحقيقية لها وتكتفي تلك السلطات بالاستجابة الإعلامية فقط عبر التصريحات الصحفية والإعلامية التي تصدر بين لحظة وأخرى!.
تلك الاستجابة الإعلامية فقط من أعلى هرم في السلطة وصولاً إلى السلطة المحلية تجرجرنا للبحث عن الأسباب الحقيقية التي حالت ولازالت تحول بين القيام بتحركات جادة وملموسة في سبيل تلبية هذه المطالب المحقة وتلك الحقوق المستحقة لأبناء حضرموت, وتجعلنا نتيقن بأن هناك جهات نافذة في الدولة لها يد في ذلك التسويف والتهرب والمماطلة وشراء ذمم ضعفاء النفوس من ذوي النفوذ من أبناء حضرموت وصولاً إلى المواجهة والحشد وافتعال المعارك وفتح الجبهات هنا وهناك ولم تستطع حتى اللحظة السلطات المسؤولة إيقاف وإخضاع تلك القوى النافذة أو على الأقل تحجيم دورها وصولاً إلى القضاء التام عليها وبسط سلطة الدولة الحقيقية عبر المخلصين والصادقين والأكفاء من أبناء حضرموت اللذين يعتبرون بأن من أبسط حقوقهم بسط سيطرتهم على أرضهم وثروتهم وإدارة مايتعلق بشؤون حياتهم ومستقبل أجيالهم بأنفسهم وبدون وصاية ومنّة من أحد كائناً من كان أو اعتبار أن تلك المطالب مطالب عادية وترفيهية قابلة للقبول أوالرفض بعد مرور أربعين يوماً على الانطلاقة المباركة والصمود الأسطوري في وجه كل التحديات والصعاب والتخلي والنكوث بالعهد والوعد وعروض البيع المغرية والقمع المتواصل والتهديدات المستمرة.