في كتابي " قبيلي يبحث عن حزب" - وبعد أن سمع بأن سوقاً جديدة افتُتِحت, هي سوق التعددية الحزبية- دخل ناجي القبيلي إلى صنعاء، بحثاً عن حزب ينظم إليه. وقد اعتقد البعض يومها وأنا أنشر القبيلي على حلقات في صحيفة "الشورى" بأنني أسخر من القبائل, لكن الحقيقة لم أكن أسخر ولم يكن هدفي هو السخرية. لقد كان ناجي القبيلي يختزل اليمن كلها, ويختزل اليمنيين جميعهم، قبائل وغير قبائل, قوميين وعلمانيين، يمينيين ويساريين، مثقفين وأدباء وأطباء ومحامين ورجال دين. الكل في اليمن- بعد الوحدة والتعددية الحزبية - خرج يبحث عن حزب, عن تنظيم, عن جماعة, عن جمعية, عن نقابة, عن حظيرة ينظم إليها، وعن قطيع يلتحق به. كلهم كانوا ناجي القبيلي, وكلهم راحوا يتسابقون للانخراط في الأحزاب والتنظيمات والجمعيات.
والسبب كما يبدو لي هو أن اليمنيين لديهم ميول قوية للعيش ضمن جماعات، وضمن قطعان، اعتقاداً منهم أن زعامات وقيادات هذه القطعان سوف تحررهم من عبئ الحرية, ومن هم وقلق رعب المسؤولية .
في القطيع أنت لست قائداً الزعيم هو القائد في القطيع أنت لست مسئولاً الزعيم هو المسئول في القطيع أنت لست حراً الزعيم هو الحر في القطيع أنت لست مهموماً الزعيم هو المهموم في القطيع أنت لا تقلق ولا تسهر الزعيم هو من يسهر ويقلق عليك في القطيع أنت لا تفكر ولا تقرر الزعيم هو من يفكر ويقرر نيابة عنك في القطيع أنت لا شيء الزعيم هو كل شيء في القطيع أنت خروف تابع ومطيع والزعيم هو التيس.