منذ الأمس الاثنين 2/12/2013 وأنا أحاول أن اكتب حتى ولو تعزية كواجب أقدمه ألي بيت على و قبائل الحموم في الشيخ الشهيد : سعد بن حمد بن على العليي .. ولكن الكلمات المناسبة في مثل هذا الموقف ظلت - ضالة شاردة عصية ، وإنا بين الحزن أراوح و الغضب ، بين الذاكرة و الألم الذي اعتصرني ليستحضر معي مواقف ولقاءات مع سليل بيت الدول: سعد بن حمد بن علي بن حبريش ـ العليي .
لم تكن لي بالرجل سابق معرفة قبل عام 1989 حيث قدم إلي الرياض وقدمني إلية الشيخ :عبدالله علي بن كردوس العوبثاني ـ شيخ قبيلة العوابثة في السعودية .. كانت المناسبة اجتماعية على شرف بن حبريش ، الأمر الذي فرض على واجب دعوة الشيخين يرحمهما الله والتي لم تقبل إلا بعد تردد وبضغط من بن كردوس .
■ تم اللقاء والتعارف .. وتكررت اللقاءات في مناسبات مختلفة مع هذا المبتسم الصامت و المتحفظ على كل ما يطرح يومها تجاه الأوضاع في بلادنا ( جمهورية اليمن الديمقراطية ) وتمت الوحدة و حصلت كارثة اجتياح العراق للكويت و التي فرضت بعض اللقاءات الحضرمية – الحضرمية ،ولم نلتقي بعدها إلا بعد حرب عام 1994 حيث كان الرجل يتنقل بين الدمام والرياض و جدة وكنت إلتقيته قبل استشهاد أخيه المقدم على بن حمد .. مرات محدودة وأخرها بمنزل الأخ : حسين بن صالح بن حسينون .. وكان يرحمه الله يردد ماشي يبشر بخير من القوم هذه .!!
كان حدسه في محله و تشاؤمه في مكانه .. حيث استشهد شقيقه المقدم : علي بن حمد مع مرافقيه في منطقة الريان ، على اثر لقاء في المكلا مع قائد المنطقة الشرقية اللواء : محمد إسماعيل .. لمناقشة مقتل أفراد من قبيلة عبيدة ليسجل استشهاده ثارا قبليا ويتم على أثره اجتماع لقبائل حضرموت في "عين ون " كاد يسفر عن حركة اجتماعية قوية وسياسية تليق بحضرموت ، ولكن مستثمري السياسة وأدواتها فرغت ذلك الاجتماع وحولته إلي تظاهرة تأبينية وتنصيبية للمقدم سعد .. الذي نهض بها كما يجب في ظل أوضاع التسابق على المغانم و الفرار عن المغارم .. يومها وفي عام 2005 شاهدته في لقاء مع الرئيس علي عبدالله صالح ..رتبه المحافظ عبدا لقادر هلال .. وكان يرحمه الله الشيخ الذي اختلف عن ما عرفته ـ في أطروحاته و هو يحذر من انفلات الأمن وغياب الدولة ويشدد على المطالبة بالدولة و القانون قائلا إما القبيلة لن نتسعرها ( أي لن نشتريها ) ياريس ولكننا نريد دولة تحترم حقوقنا و تقيم العدل .
■■ بعد الغداء .. اتجه نحوي وكنت أرافق المنصب العم : عبدالله بن محمد باوزير و طلب منا تشريفه إلي شريوف ووعدناه بذلك .. بعد أشهر التقينا في سيئون عند الشيخ : عوض بن سالم الجابري وتحدد الموعد حيث وافيناه إلي احد الشعاب المقابلة لشريوف ـ أسفل وادي عدم ، فكانت ضيافة و مندر .. تجلى فيها كرمة و تبارينا في الرماية مع بيت على وبقية المقادمة والحكمان والشباب من نهد وال جابر و الإخوة السادة آل الدويلة و العيد روس .
لم تنقطع علاقتي ولا تواصلي مع هذا الشيخ الحصيف في قولة المتحفظ في أطروحاته ـ المحرج في تساؤلاته ، المتواضع في ذكر مناقب أهله و أجداده .. الكريم في غير ابتذال .. حتي قدم روحة الغالية إكراما لشرف الانتماء ورخيصة في سبيل الكرامة .. وبنفس الصورة التي قدمها شقيقة وعلى خطى اجدادة في حيرو الذين رفضوا حكم السلطنة القعيطية بحماية الاستعمار البريطاني .
■■■ قال احد شعراء حضرموت :
في حيرو كم من ولد بالقبوله يشفع ** حيدين متلاقية وش بايوطيها .
ظلت فلنطات بالكنش تتوقد ** لمان حرت وفكت من مجاريها .
** رحم الله سعد بن حبريش .. ورفاقه و عزائنا فيه انه استشهد واقفا و على طريق بيت على الموت بالرصاص منذ عرفوا بالدول .. ولكن هل سيوقظ هذا الرصاص مجتمع حضرموت .. ليقف وقفة رجل واحد في وجه تحويل حضرموت إلي ساحة لتصفية الحسابات !؟