لماذا اهتمت وسائل الإعلام أخيرا بالملف الجنوبي؟!

2025-12-22 09:48

 

سنوات وأنا أتابع الملف الجنوبي وتطوراته، وكتبت عنه عشرات المقالات، ولم تنشر أي وسيلة إعلامية إقليمية أو دولية ما كنت أكتبه عن الملف الجنوبي، لا مقالًا ولا تقريرًا لأي كاتب. بل اتهمني البعض، كالعادة، بأنني "أجزئ المجزأ وأفتت المفتت"، حتى أصبحت هذه العبارة كلاسيكية حفظتها عن ظهر قلب، ولم تعد تهمني بقدر ما يهمني إظهار الحق الجنوبي الذي تم طمسه مع سبق الإصرار والترصد، طبعًا عن طريق الإعلام الذي، سبحان الله، استفاق أخيرًا من غيبوبة استمرت خمسة وثلاثين عامًا، رغم تصفية أكثر من مئتي وخمسين قياديًا جنوبيًا في صنعاء، ولم تهز شعرة واحدة من مئات المستشعرات المنتشرة بطول اليمن وعرضه الإعلام الإقليمي أو الدولي.

 

اليوم، الإعلام استيقظ من غفوته وأصبح يتحدث عن الملف الجنوبي، سبحان الله، الذي يحيي العظام وهي رميم. والواضح أن العملية، كما نقول، "لحمة ضب". فالجنوب الذي استمات علي عبدالله صالح والإخوان المسلمون عليه، وتمسكوا به ورفعوا شعار "الوحدة أو الموت"، لم يكن حبًا في الوحدة بقدر ما كان حبًا في نهب ثروات الجنوب المتمثلة بالنفط والغاز والذهب وبقية المصادر الطبيعية. والآن جاء دور الإعلام ليجد له موضع قدم أو للحصول على لقمة من هنا أو هناك، لعل الفرصة لم تفت بعد تجاهل دام خمسة وثلاثين عامًا.

 

صحيح أن "اللي اختشوا ماتوا"، ولكن هناك من له وجه عريض يستوعب كل اللطمات. ومع ذلك، يتحدث اليوم عن الجنوب وشعبه بعد أن لاحت فرصة عودة دولة الجنوب. والشعب الجنوبي حتمًا لم ولن ينسى من تجاهل مآسيه، ليس تجاهلًا فقط، وإنما من رشّ على الجرح الجنوبي الملح ورقص عليه بعدما ارتوت عروقه وتورمت من النفط والغاز ودماء الأبرياء.