شبوة برس – ناصر العبيدي
شهد قطاع النفط والمعادن في اليمن مرحلة من أشد الاضطرابات والعبث خلال إدارة الوزير الدكتور سعيد الشماسي، حيث تحوّل المنصب من منصة لخدمة الوطن إلى بوابة نفوذ وقرارات مرتجلة أفرغت الوزارة من مضمونها المؤسسي، ودفعت بالمؤسسات التابعة لها إلى حافة الانهيار.
**قرارات عشوائية وإقصاء للكفاءات**
منذ توليه المنصب، بدأت سلسلة من القرارات التي أربكت بنية الوزارة، إذ تم إقصاء خبرات وطنية جنوبية راكمت عقوداً من المعرفة في القطاع، واستُبدلت بتعيينات تفتقر للخبرة المتخصصة. تم تكريس دوائر ضيقة من المحسوبية وتحويل مواقع حساسة إلى منصات نفوذ لا تستند لمعايير مهنية، مما أفقد الوزارة دورها كمؤسسة تعتمد على الكفاءات.
**تمدد السمسرة وغلبة المصالح الخاصة**
تحولت الوزارة إلى منصة تمرير العقود والمشاريع بعيداً عن الشفافية والحوكمة، وأصبحت المصالح الخاصة تغلب على المصلحة العامة. تعاملت الوزارة مع الثروة النفطية الجنوبية كسلعة تُناقش في غرف مغلقة، ما أضعف بيئة الاستثمار وتضررت صورة القطاع محلياً ودولياً. شركات نفطية تنهار، ومؤسسات تتعثر، حيث فقدت بعض الحقول الإنتاجية قدرتها على العمل، وخرجت الاستثمارات الأجنبية نتيجة الضبابية وفقدان الثقة.
**فشل حماية حقوق شركة النفط عدن**
لم تتحرك الوزارة لحماية حقوق شركة النفط عدن الرائدة في تسويق المشتقات النفطية، بعد قرار رئاسي بتحرير سوق المشتقات لمصالح معينة، ما فتح باب التهريب واحتكار المنتجات، وأرهق الشركة بخسائر ضخمة انعكست على الاقتصاد الوطني من انهيار العملة وارتفاع الأسعار وتراجع الاستقرار الاقتصادي. كما فشلت الوزارة في إعادة تشغيل مصفاة عدن، التي تحولت إلى مستودعات في ظل غياب رؤية تشغيلية واضحة.
**غياب القيادة ورؤية الإصلاح**
كان القطاع بحاجة إلى قيادة تمتلك رؤية استراتيجية واضحة لإصلاح الوزارة، وتحقيق الشفافية والمحاسبة، لكن ما حدث كان العكس تماماً، إذ تعاملت الإدارة وكأن الوزارة إرث خاص لخدمة شبكة محدودة من المنتفعين، بعيداً عن مبادئ الحوكمة والمسؤولية العامة.
**ما بعد العاصفة… قطاع على حافة الانهيار**
خرج القطاع من هذه المرحلة محملاً بخسائر عميقة، مع تراجع الثقة بين المؤسسات والكوادر، وهجرة الخبرات، وإحباط الكفاءات المتبقية، وتدهور مستوى الإنتاجية، وتضاعف حجم الخسائر على الاقتصاد الوطني. المشكلة ليست في الوزير وحده، بل هي نتاج منظومة حكومية اتسم كثير من مسؤوليها بانعدام الكفاءة وغياب روح القيادة.
**خاتمة**
أسوأ الوزارات ليست تلك التي تفشل فحسب، بل تلك التي تفسد المنهج، وتقصي الكفاءات، وتعبث بمقدرات الجنوب، وتحول الثروة الوطنية إلى أداة نفوذ خاص. وتبقى هذه المرحلة مثالاً صارخاً على كيف يمكن لسوء الإدارة وغياب الرؤية أن يدمر قطاعاً كان يمكن أن يكون ركيزة أساسية للازدهار والتنمية. رغم ذلك، سيبقى الجنوب كما عهدناه حراً أبياً شامخاً لا ينكسر.

✍️ ناصر العبيدي