شبوة برس – خاص
خصّ الكاتب "سالم فرتوت" موقع "شبوة برس" بمقال تناول فيه تجربة نظام الثاني والعشرين من يونيو 1969، باعتبارها نموذجاً صارخاً لما أسماه بالانتحار السياسي، بعد أن دفع الجنوب العربي ثمن صراعات أيديولوجية عبثية وممارسات إقصائية أفرغت الدولة من مضمونها الوطني.
قال فرتوت إن ذلك النظام نشأ على قاعدة الإقصاء، فاحتوى تيارات عفلقية وماركسية متطرفة، بينما أقصى كل القوى الوطنية الجنوبية إما بالتشريد أو القمع، ولم يبق سوى نظام الحزب الواحد الذي انشغل بصراعات داخلية تحت شعار حماية الثورة، فيما كانت فصائله تتزايد في الولاء لما سمّته بالوحدة اليمنية.
وأوضح الكاتب أن مسار التصفيات بدأ مبكراً منذ طرد 22 قائداً من الجبهة القومية في يوم 22 يونيو 1969، ثم قتل "فيصل الشعبي" والعديد من القيادات الأخرى. وتواصلت التصفيات خلال السبعينيات بحق مدنيين دون محاكمات، قبل أن تتوج في 26 يونيو 1978 بإعدام الرئيس "سالم ربيع علي سالمين" ورفيقيه "جاعم صالح" و "علي سالم الأعور" بقرار من المكتب السياسي، مع طرد أعضاء بارزين مثل "علي صالح عباد مقبل" و "عبدالله صالح البار" و حسن أحمد باعوم".
وأشار إلى أن النظام أطاح لاحقاً بعبدالفتاح إسماعيل، كما اعتقل "محمد حسين قماطة" الرفيق المخلص لعبدالفتاح بزعم انتحاره في سجن فتح، وأصدر المكتب السياسي حكماً بالإعدام على وزير الخارجية "محمد صالح مطيع"، وصولاً إلى مجزرة 13 يناير 1986 التي أكملت تصفية ما تبقى من قيادات الحزب والدولة. وانتهت تلك التجربة، بحسب فرتوت، إلى سقوط مدوٍّ ألقى فيه البيض الجميع في التهلكة، ليخرج في النهاية بلا مكاسب تُذكر.
ورأى الكاتب أن الجنوب العربي معني اليوم بدراسة تلك التجربة دراسة شجاعة وموضوعية، يعترف فيها الجنوبيون بأن وطنهم ضاع على أيدي قياداته المتصارعة، بعيداً عن تعليق الأخطاء على شماعة "عبدالفتاح إسماعيل" أو "سالم ربيع" أو "علي ناصر" أو "البيض" وحدهم، إذ كانت المسؤولية جماعية.
واعتبر فرتوت أن المجلس الانتقالي الجنوبي ينبغي ألا يكرر أخطاء الماضي عبر التغاضي عن الأخطاء الصغيرة، لأنها تتحول تدريجياً إلى مسار موت بطيء يشبه الانتحار غير العمد. وقال إن القيادة الجنوبية الحالية، شأنها شأن سابقتها، تكتفي بالإطراء، بينما المطلوب وقفة جادة لتقييم تجربتها السياسية خلال السنوات التسع الماضية، بدل الانشغال بالحشود ورفع الأعلام في مناسبات القومجيين المتيمننين.