*- شبوة برس – مصعب عيديد خاص
في لحظة حالكة من تاريخ حضرموت تلك الأرض العريقة المجبولة بتراب الكبرياء والكرامة تلك اللحظة التي انطفأ فيها نور الحكمة واندست العقول الراجحة خلف عباءات الزيف والادعاء خرج علينا من كان يومًا شيخًا للقبيلة ورمزًا للاجتماع والوقار خرج علينا عمر بن حبريش بصورة مغايرة للواقع الذي نشأ فيه وانتمى إليه صورة شوهتها أطماع سياسية ونزوات سلطوية ألبستها جماعة الإخوان ثوب المجد المزور وربقة السلطان الكاذب
لقد عرف الناس عمرو بن حبريش رجلًا وقورًا له احترامه في المجالس ومكانته في الصفوف رجلًا كانت كلمته مسموعة ووجهه مقبولًا في حضرموت الأرض والناس لكنه ما لبث أن انجرف في تيار الظلمة تيار حمله بعيدًا عن جذوره فأصبح رهينة لإغراءات موهومة لم تكن إلا فخاخًا من صنع الإخوان أولئك الذين احترفوا تزوير الوعي وغرس الفتن وصناعة القادة الكرتونيين
زينوا له سلطانًا فوق كثبان رملية لا تثبت عليها قدم ولا يرتفع عليها بناء سلطانًا لا يسنده شعب ولا يقويه مشروع سلطانًا تذروه الرياح حيثما شاءت فلا يبقى منه شيء سوى ذكرى مشوهة في عقول المكلومين
كانت البداية فخًا محكمًا رسمت خطوطه بدقة وتداخلت فيه أدوات المال المشبوه بالوعود الخادعة والدعم المتلون بالأصوات المرتجفة فوجد عمر نفسه داخل دهليز لا نافذة له ولا ضوء فيه دهليز مظلم اسمه مشروع الإخوان في حضرموت مشروع لا يعرف الولاء إلا للخارج ولا يعرف الانتماء إلا للفوضى ولا يعترف بالهوية الحضرمية إلا إذا صارت مطية لأجنداته
وهنا سقط القناع وبدأت الحقيقة تتجلى شيئًا فشيئًا لم يعد عمر بن حبريش هو الشيخ الحكيم الذي عرفه الناس بل صار ظلًا باهتًا لخيارات لم تصدر من قلبه بل أمليت عليه إملاء من خلف الستار فوقع في الشرك الكبير شرك الدم والفوضى والارتهان لسجون القرار الإخواني التي لا ترى في حضرموت إلا ساحة للنهب والاستغلال والتمزيق
لم يكن أبناء حضرموت في غفلة فقد رأوا بأعينهم كيف تحولت الشخصية التي كانوا يجلونها إلى دمية مشدودة بخيوط غريبة لا تتحرك إلا بأوامر من خارج الحدود رأوا كيف تحول الحلف القبلي الذي كان يمكن أن يكون مظلة جامعة إلى أداة تمثيلية سخيفة في مسرحية عبثية عنوانها الحكم الذاتي وجوهرها التبعية والانقياد الأعمى
رأوا أيضًا تلك التماثيل البشرية التي أطلقوا عليها اسم قوات حماية حضرموت كيف نحتت وشكلت بعيدًا عن الإرادة الشعبية وبعيدًا عن الهوية الحضرمية لتصبح أداة قمع لا حماية رمزًا للارتهان لا للسيادة علامة من علامات الانحدار في زمن أرادوا له أن يكون زمن الصحوة لكنه صار زمن التيه والانكسار
لقد سقطت أوراق التوت وتبددت الأوهام وبان كل شيء على حقيقته فالمشروع الذي انتمى إليه عمر بن حبريش لم يكن إلا امتدادًا لمشروع أكبر يسعى لابتلاع حضرموت وطمس ملامحها ومحو قرارها وطمس صوت أهلها لصالح أجندات لا تعرف إلا الخراب ولا تبني إلا على الأنقاض