هل ينجو حزب "الإصلاح" من ماضيه الإخواني الأسود عبر بوابة إسرائيل؟

2025-09-16 06:19
هل ينجو حزب "الإصلاح" من ماضيه الإخواني الأسود عبر بوابة إسرائيل؟
شبوه برس - متابعات - اخبارية

 

 *- شبوة برس - محمد سبتي

جدّد حزب "التجمع اليمني للإصلاح" في ذكرى تأسيسه الـ (35) نفي أيّ صلة له بالتنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين، في خطوة اعتبرها مراقبون "مناورة سياسية" تهدف إلى تجنب السخط الداخلي والإقليمي والدولي الذي يلاحق الجماعة بعد دورها التخريبي والتحريض، في الكثير من الدول ومساعيها لزعزعة الاستقرار فيها.

 

رئيس هيئة شورى حزب الإصلاح محمد اليدومي زعم، في تصريحات نقلها موقع الحزب أمس الأول، أنّ الحزب "كيان يمني الجذور يعمل وفق الدستور والقانون، وليس له أيّ ارتباط تنظيمي أو سياسي خارج اليمن"، في محاولة لقطع الجدل المتجدد سنويًا حول علاقة الحزب بالإخوان.

 

غير أنّ محللين وخصومًا سياسيين شددوا على أنّ الحزب، الذي تأسس عام 1990، هو "الامتداد اليمني لجماعة الإخوان"، وأحد أذرعها التنظيمية والفكرية، مستشهدين بتصريحات موثقة للقيادي الراحل عبد الله بن حسين الأحمر الذي أكد في مذكراته أنّ "حزب الإصلاح امتداد طبيعي لحركة الإخوان المسلمين"، وأنّ نشأته جاءت لتشكيل حزب رديف لحزبه "المؤتمر الشعبي العام."

 

ووفق ما نشرت (اندبندنت عربية)، يرى مراقبون أنّ نفي حزب الإصلاح المتكرر لعلاقته بالإخوان محاولة لتخفيف الضغوط الإقليمية والدولية، خصوصًا بعد تصنيف الجماعة تنظيمًا إرهابيًا في عدة دول، مع حرصه في الوقت نفسه على تثبيت وجوده داخل الحكومة الشرعية اليمنية، وتعزيز حضوره العسكري والسياسي في محافظات مأرب وتعز ومناطق أخرى.

 

الباحث السياسي محمد الصعر اعتبر أنّ "مناسبة تأسيس الحزب باتت موعدًا سنويًا للتنصل من جذوره الإخوانية"، مشيرًا إلى أنّ ذلك يعكس "طموحًا واضحًا لحجز مقعد سياسي قوي بعد انتهاء الحرب اليمنية، رغم سخط قطاعات واسعة من الشارع اليمني."

 

ورغم تصريحات اليدومي الأخيرة، تظل مواقف قادة حزب الإصلاح متناقضة، ففي حين ينفي قادة الحزب أيّ صلة بالجماعة، تشير شهادات تاريخية وتصريحات سابقة لقيادات إصلاحية إلى الارتباط العضوي بالحركة الأم، أبرزها ما كشفه الأحمر عن أنّ "الإخوان شكلوا النواة الداخلية للتجمع"، وأنّهم كانوا جزءًا من عملية التأسيس بتنسيق رسمي في تسعينيات القرن الماضي.

 

وتداولت وسائل إعلام تصريحات قديمة للقيادي الإصلاحي عبد الله العديني قال فيها: إنّهم "أقاموا حركة الإخوان المسلمين ضد ثورة (26 سبتمبر) باعتبارها ثورة جاهلية"، وهو ما يؤكد البُعد الإيديولوجي الذي يربط الحزب بالجماعة.

 

الباحث السياسي ثابت الأحمدي يوضح في تصريح صحفي أنّ الحزب مرّ بمرحلتين أساسيتين: الأولى قبل عام 1990 حين كان يمثل الذراع اليمنية للإخوان بشكل مباشر، والثانية بعد التعددية السياسية حين حاول التخفف جزئيًا من هذا الارتباط، لكنّه لم يقطع الحبل السرّي مع التنظيم الأم. ويضيف أنّ هذا الارتباط "ليس استثناءً، فالأحزاب الإيديولوجية عمومًا ترتبط بجذور فكرية خارجية سواء كانت اشتراكية أو ناصرية أو بعثية أو سلفية."

 

ولم تتوقف محاولات حزب (التجمع اليمني للإصلاح) "الذراع اليمنية لجماعة الإخوان المسلمين" عند التبرّؤ العلني من التنظيم الدولي المصنف إرهابيًا في عدد من الدول، بل تجاوزت ذلك إلى الترويج العلني لفكرة الانفتاح على إسرائيل، في خطوة اعتبرها مراقبون "مناورة سياسية خطيرة" تهدف إلى مغازلة الغرب وكسب دعم واشنطن وتل أبيب.

 

في خطوة غير مسبوقة، بثّت قناة (i24) الإسرائيلية سلسلة حلقات عن الوضع في اليمن والخليج، استضافت خلالها شخصيات محسوبة على حزب الإصلاح. وخلال إحدى الحلقات أدلى المحلل السياسي البارز في قناة (بلقيس) الموالية للإخوان والمقيم في إسطنبول، عادل المسني، بتصريحات مثيرة أكد فيها أنّ "المرحلة الراهنة تتطلب تطبيع العلاقات مع إسرائيل والتنسيق مع جيش الدفاع الإسرائيلي، وبدعم أمريكي مباشر، لمساندة الجيش الوطني اليمني لتحرير صنعاء من الحوثيين".

 

وأضاف المسني أنّ "الضربات التي نفذها سلاح الجو الإسرائيلي وجهاز الشاباك في اليمن أصابت قيادات حوثية بارزة، لكنّها تحتاج إلى تنسيق أكبر مع الجيش الوطني لفتح الطريق نحو تحرير صنعاء وصعدة والجوف وتعز والحديدة."

 

القيادي الإصلاحي عبد الكريم الأنسي ذهب أبعد من ذلك، فقد دعا صراحة إلى تدخل الطيران الإسرائيلي في معارك الساحل الغربي قائلًا: "لن يتوقف استهداف السفن في البحر الأحمر إلا بغطاء جوي مباشر من إسرائيل".

 

وأكد الأنسي في تصريح نقلته صحيفة (الأمناء نت) أنّ "حزب الإصلاح سيكون أول حزب يمني يعلن انفتاحه على إسرائيل وإقامة علاقات رسمية معها بتنسيق أمريكي"، في خطوة وُصفت بأنّها تجاوز لكل الثوابت اليمنية والقومية.

 

ولم تتوقف التصريحات عند السياسيين، فقد برر الصحفي الإخواني سيف المثنى عبر القناة ذاتها التعاون مع إسرائيل قائلًا: إنّ "ضرب الخطوط الأمامية للحوثيين سيمهد الطريق للجيش الوطني لدخول صنعاء"، داعيًا إلى تزويده بالدعم العسكري واللوجستي".

 

ويرى خبراء أنّ تحركات حزب الإصلاح تمثل "إعادة تموضع استراتيجي"، ومحاولة لكسب شرعية جديدة في نظر الغرب عبر ورقة التطبيع، ضاربًا عُرض الحائط بكلّ القيم اليمنية والمبادئ.

 

وقد أثارت هذه التصريحات موجة جدل في الداخل اليمني، فبينما يعتبرها أنصار حزب الإصلاح "خيارًا اضطراريًا لمواجهة الحوثيين وقطع يد إيران"، ترى قوى سياسية واجتماعية أخرى أنّ مجرد الظهور على قناة إسرائيلية والتحدث عن التطبيع يمثل "خيانة وطنية وخروجًا عن ثوابت الشعب اليمني الداعم للقضية الفلسطينية."

 

ومحاولات حزب الإصلاح المتكررة لنفي صلته بالتنظيم الدولي للإخوان، وإيجاد سبل لمغازلة القوى الغربية مستغلين القضية الفلسطينية للإساءة للدول العربية، قد تبدو محاولة للتخفف من التبعات، لكنّها في نظر كثيرين مجرد "تكتيك سياسي" لا يغيّر من حقيقة النشأة والجذور المرتبطة بالتنظيمات الإرهابية.

 

ومنذ بداية تأسيسه ظلّ حزب الإصلاح يروّج لفكر متطرف لا يُحسن سوى نشر الفوضى والدمار، وعلى رأس هذا الفكر أيضًا يظهر علي محسن الأحمر، الذي يُعتبر أحد أبرز الوجوه السياسية والعسكرية المرتبطة بالفكر الإخواني في اليمن، وقد ارتبط اسمه بعدد من العمليات العسكرية التي أسهمت في إشعال فتيل الحرب الداخلية، بالإضافة إلى دوره البارز في تحفيز الجماعات المسلحة على استخدام العنف كوسيلة لتحقيق أهداف سياسية، هذا إلى جانب تمويله للعدد من التنظيمات الإرهابية كـ (القاعدة وداعش).

 

"حفريات" نيوز