غياب الحوثيين يثير التساؤلات في صراع الـ12يوماً بين إسرائيل وإيران

2025-06-29 17:53
غياب الحوثيين يثير التساؤلات في صراع الـ12يوماً بين إسرائيل وإيران
شبوه برس - خـاص - عــدن

 

*- شبوة برس – هاني مسهور

في مفارقة لافتة ضمن المواجهة التي استمرت 12 يوماً بين إسرائيل وإيران، وشهدت تدخلاً عسكرياً أميركياً عبر قصف ثلاثة مواقع داخل إيران، برز غياب جماعة الحوثي، الحليف الإقليمي الأبرز لطهران، عن ساحة المواجهة، رغم ما عرف عنها من تحرك سريع في أزمات سابقة.

 

الجماعة اليمنية أطلقت عدداً محدوداً من الصواريخ تجاه إسرائيل يومي 14 و15 يونيو، ثم هدّدت في 21 من الشهر ذاته باستهداف القوات الأميركية إذا تدخلت ضد إيران. لكن الرد الأميركي جاء خلال ساعات باستهداف منشآت نووية إيرانية، ليقتصر الرد الحوثي على بيان إدانة دون خطوات تصعيدية ميدانية.

 

غياب الحوثيين عن الاشتباك أثار تساؤلات في أوساط الباحثين والمحللين، لا سيما أن الجماعة كانت قد بادرت إلى التصعيد فور اندلاع حرب غزة في أكتوبر 2023 عبر استهداف الملاحة في البحر الأحمر، ثم واجهت حملة قصف أميركية استمرت 52 يوماً ضمن عملية "الفارس الخشن" بين مارس ومايو من العام الجاري، قبل أن تعود إلى استهداف إسرائيل بالصواريخ.

 

ورغم أن القضية الفلسطينية تحتل موقعاً مركزياً في خطاب الحوثيين، فإن دعم إيران العسكري – خصوصاً في مجال تكنولوجيا الصواريخ – يظل حجر الزاوية في قدرتهم على تنفيذ تهديداتهم. ومن هنا، يتبادر إلى الأذهان سؤال محوري: لماذا اختفى الحوثيون من مشهد التصعيد الأخير؟

 

ثلاثة تفسيرات محتملة

تشير قراءات تحليلية إلى ثلاثة سيناريوهات محتملة وراء الغياب الحوثي: عجز مؤقت عن تنفيذ الضربات، امتناع تكتيكي عن الرد، أو انتظار لتوقيت استراتيجي أكثر ملاءمة ضمن تنسيق مع إيران.

 

أولاً: العجز عن تنفيذ الضربات

 

يفترض هذا التفسير أن عملية "الفارس الخشن" كانت أشد فاعلية مما قدّرت واشنطن. التقرير الاستخباراتي الأميركي الذي تحدث عن "انتكاسات محدودة" قد يكون قلّل من تأثير أكثر من 1100 غارة جوية أميركية، يُعتقد أنها ألحقت ضرراً كبيراً بمخازن الأسلحة ومنشآت الإمداد الحوثية.

 

كما يشير التقدير إلى أن المخزون الصاروخي للجماعة ربما استُهلك إلى حدّ كبير خلال العام الماضي بفعل وتيرة الاستهداف المكثفة ضد الملاحة وإسرائيل، ما ترك الحوثيين في موقف دفاعي بانتظار إعادة التزود من طهران، لا سيما في ظل اعتمادهم شبه الكامل على تهريب المكونات الباليستية الإيرانية.

 

ثانياً: الامتناع التكتيكي عن التصعيد

 

ينطلق هذا التفسير من فرضية أن الحوثيين اختاروا التراجع المؤقت تحسّباً لتبعات الرد الإسرائيلي والأميركي. الباحثة المتخصصة في الشأن اليمني إليزابيث كيندال أوضحت لصحيفة وول ستريت جورنال أن الجماعة "قد تكون في وضع كمون، وتتجنب أي تحرك يكشف مواقعها".

 

المخاوف تعززت بعدما أشارت تقارير إلى محاولة إسرائيلية لاغتيال رئيس أركان الحوثيين محمد الغماري في 14 يونيو. ورغم تضارب الأنباء حول مصيره، إلا أن الرسالة كانت واضحة: الضربات لم تعد تقتصر على إيران.

 

ومع ذلك، يبقى هذا التفسير ضعيفاً أمام حقائق سابقة، فالحوثيون لم يترددوا في تحدي خصومهم رغم الفارق في القوة، وسبق أن تبنوا هجمات مباشرة على إسرائيل والولايات المتحدة خلال الأشهر الماضية، ما يضعف فرضية "الخوف" كعامل أساسي.

 

ثالثاً: انتظار اللحظة المناسبة

 

يبدو هذا السيناريو الأكثر اتساقاً مع المعطيات الميدانية. فالتقديرات تشير إلى أن الحوثيين كانوا بانتظار التنسيق مع القيادة الإيرانية، التي كانت هي الأخرى في موقف دفاعي مع تعرّضها لضربات دقيقة طالت قادة بارزين في الحرس الثوري، وتراجع المرشد الأعلى إلى مخبأ محصن، مما صعّب التواصل المباشر.

 

وفي ظل محدودية الخيارات التكتيكية، ترجّح بعض المصادر أن الحوثيين كانوا ينتظرون الانخراط في رد إيراني منسّق، سواء عبر إغلاق الملاحة في البحر الأحمر ومضيق هرمز، أو تنفيذ ضربات مشتركة على إسرائيل، أو حتى شنّ هجمات غير متكافئة بأساليب غير تقليدية.

 

ما بعد الهدنة

في 24 يونيو، أعلن الحوثيون أن اتفاق وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل لا يشملهم، في إشارة واضحة إلى نيتهم مواصلة العمليات. ويُعتقد أن إيران، التي تراجع نفوذها خلال الحرب القصيرة، قد تلجأ مجدداً إلى وكلائها لإعادة ترتيب أوراقها إقليمياً، على رأسهم الحوثيون، الذين يشكلون أداة ضغط فعالة في وجه تل أبيب وواشنطن.

 

وفي ضوء ذلك، تبقى الساحة مفتوحة أمام تصعيد جديد، مع ترقب لما إذا كانت الجماعة ستحوّل تهديداتها إلى أفعال في المرحلة المقبلة، خاصة إذا استأنفت طهران دعمها العسكري بوتيرة أعلى بعد إعادة تقييم تجربتها الأخيرة في الحرب.