كتاب: الزهور تدفن في اليمن .. بداية التدخل المصري في اليمن (الحلقة الأولى)

2017-09-21 04:09
كتاب: الزهور تدفن في اليمن .. بداية التدخل المصري في اليمن (الحلقة الأولى)
شبوه برس - خاص - اليمن

 

*- خاص وحصري لـ شبوه برس -

 

الطبعة الثانية 1977م

تأليف: وجيه أبو ذكرى

عرض وتلخيص: د.علوي عمر بن فريد

مقدمة:

 يقولون في الأمثال العربية: ما أشبه الليلة بالبارحة .. والتاريخ يعيد نفسه!!

ان ما يجري اليوم من حروب مستعرة وأحداث مؤلمة في اليمن ما هو إلا تكرار لما حدث بالأمس في التاريخ القديم والحديث, وقد اخترنا هذا الكتاب الذي ينقل صورة واقعية وفصولاً مأساوية لأحداث الحرب اليمنية بعد ثورة 26 سبتمبر عام 1962م في اليمن وما تخللها من صراع بين الملكيين والجمهوريين وقد قام بتأليفه أحد الضباط المصريين وهو في معظمه رسائل متبادلة بينه وبين زوجته متضمنة خواطر ومشاعر انسانية رصدها المؤلف وهو شاهد حي لذلك الزمن نقلها بصدق وحس مرهف وواقعية مريرة لمعاناة الجيش المصري في اليمن وما تعرض له من غدر وخيانات اثناء الحرب في الستينات من القرن الماضي.

وسنحاول الوقوف على أهم أحداث ذلك التدخل ونتائجه.. وهو تكرار لما يجري اليوم في اليمن منذ إنطلاق الثورة الشبابية اليمنية المختطفة في فبراير عام 2011م وفي ما يلي الحلقة الأولى:

عندما قامت ثورة 26 سبتمبر عام 1962م جمع الرئيس جمال عبدالناصر الخبراء من الضباط المصريين وعددهم 12 ضابطاً والذين أرسلهم من قبل إلى اليمن بعد إتفاق مسبق مع الإمام .احمد بعد الإنفصال بين مصر وسوريا عام 1961م وذلك لتدريب الجيش اليمني إلّا أن الإمام قام بحبسهم منذ وصولهم إلى اليمن في دار الضيافة بصنعاء وحرم عليهم الإتصالات ثم أعادهم إلى القاهرة.

إجتمع الرئيس عبدالناصر بالخبراء العسكريين فور قيام ثورة اليمن لأخذ رأيهم في تلبية ثوار اليمن بإمدادهم بقوات عسكرية وخبراء عسكريين, وكان رأي كمال الدين حسين وبعض أعضاء مجلس قيادة الثورة المصرية عدم التدخل عسكرياً في اليمن لأن جراح الإنفصال المصري – السوري مازالت تدمي جسد الشعب المصري, و إن هذا التدخل سوف يفسد كل خطط التنمية في مصر ولاتحمد عقباه, وكان الإتحاد السوفيتي يؤيد التدخل المصري في اليمن لأهدافه الخاصة !!

وكان عبدالناصر يريد إخراج مصر من عزلتها العربية بعد الإنفصال ..!! وتبنى وجهة النظر السوفياتية والبعثة العسكرية المصرية التي كانت حبيسة في اليمن, وسافرت أول كتيبة مصرية إلى صنعاء على متن طائرة روسية لمدة خمس ساعات وهبطت في مطار صنعاء مع شروق شمس التاسع والعشرين من سبتمبر وصدمت الكتيبة بوضع المطار المزري فقد كان عبارة عن ممر ترابي تحيط به سلسلة من الجبال وبرج المطار عبارة عن سيارة سوفياتية مجهزة بأجهزة لاسلكي هي التي ترشد الطائرة على الهبوط !! ويواصل المؤلف القول:

وتم نقلنا في سيارات إلى داخل اليمن وكان في استقبالنا السفير المصري واخبرنا بأننا سوف نرتدي زياً عسكرياً يمنياً وأن مهمتنا لن تزيد عن عدة أسابيع نعود بعدها إلى القاهرة !!

وبدأنا نقترب من صنعاء التي يحيط بها سور عظيم كأنه ديكور بفيلم تجري أحداثه في العصور الوسطى أو ما قبل الميلاد .. كان الناس ينظرون إلينا وكأننا من كوكب آخر .. ينظرون بدهشة وخوف !!

اليمن التي كان يحكمها رجل قوي وخبيث اسمه الإمام أحمد تولى السلطة بعد مقتل والده الإمام يحيى في 17 فبراير عام 1948م والذي دبّر مقتله هو عبدالله الوزير الذي كان يبث أفكاراً ليبرالية وكان يتعاطف مع اليمنين الأحرار الذين اتخذوا من عدن مقراً لهم, وأعلن عبدالله الوزير نفسه إماماً على اليمن عقب نجاحه في اغتيال الأمام يحيى, وجاء إلى صنعاء اليمنيون الأحرار وهم:

أحمد محمد النعمان والقاضي عبدالرحمن الإرياني والقاضي محمد محمود الزبيري, وكان الإمام أحمد هو حاكم تعز واستطاع وبعض من آل حميد الدين أن يقود قبائل حاشد وبكيل بقيادة الأمير حسن أن يسقط نظام الإمام عبدالله الوزير وراح ضحيته لاسترجاع السلطة ما لايقل عن ستة آلاف يمني !!

وامتلأت السجون الرهيبة بالأبرياء وسجون اليمن فظيعة .. وقال المؤلف أبو ذكرى أنا لم أشهد الباستيل كأشهر سجن في العالم, ولم أذهب إلى سيبيريا ولم أخدم في السجن الحربي ولكن سجون اليمن اقساها جميعاً!!

مات الإمام أحمد في 18 سبتمبر عام 1962م وأعلن الإمام محمد البدر إماماً على اليمن خلفاً لوالده .. ولم يكن الإمام البدر قوياً كوالده وكان عبدالله السلال رئيس الأركان العامة للجيش اليمني ورئيساً لتنظيم عسكري من صغار الضباط وإستطاع أن يقنع البدر بأن يحرك بعض الدبابات من الحديدة إلى صنعاء.

وحصل على موافقته وبدأت القوات تتحرك إلى صنعاء مساء 26 سبتمبر عام 1962م , وكان السلال مجتمعاً في ذلك المساء مع الإمام البدر حتى قبل منتصف الليل بساعة وكانا يناقشان مسألة النهوض باليمن واستأذن السلال بحجة التعب إلّا أن الإمام طلب منه البقاء لمزيد من المشاورات وادعى السلال التعب وخرج الى خارج صنعاء ليقود الدبابات الى قصر البشائر .. وحاصرت هذه القوات القصر وإتجهت قوات اخرى إلى الإذاعة ثم بدأت تطلق قذائفها لتدك القصر واقتحم جنود الثورة القصر ولم يجدوا البدر حيث تمكن من الهرب متخفياً في ملابس نسائية ثم خرج الى جحانه واذيع البيان الأول للثورة وأعلنت الجمهورية العربية اليمنية وأذيع مقتل الإمام البدر بعد نجاح الإنقلاب ذهب السلال إلى بيت السفير المصري في صنعاء وطلب قوات عسكرية مصرية ثم بدأ تدفق القوات المصرية إلى اليمن !!

والى اللقاء في الحلقة الثانية .