في ضوء حديثي المباشر يوم أمس الجمعة حول التظاهرات النسوية دوافعها وخلفياتها، سألني أحد الزملاء الإعلاميين من خلال التعليق المكتوب عما هو مطلوب من المجلس الانتقالي الجنوبي في هذه الظروف السياسية الملتبسة والمعقدة وكان ردي كما يلي:
في الحقيقة إن كل حديثنا عن الشراكة غير السوية وعن مكانة ودور المجلس الانتقالي الجنوبي فيها وعن دوره المرتقب ينبع من حرصنا على أهمية ومحورية الدور المطلوب من المجلس الانتقالي الجنوبي كقوة سياسية جنوبية لا يمكن تغييبها أو تجاهلها في معالجة الأزمات التي يعاني منها الجنوب، بما في ذلك الحل النهائي للقضية الجنوبية.
ونظرا لوجود المجلس الانتقالي في سلطة الشراكة هذه فإن مكانة المجلس الانتقالي لا ينبغي أن تكون مكانة الشريك الأضعف أو الأقل حضوراً بل إنه القوة المحورية والبقية مجرد شركاء طارئين، لأن المجلس (باعتباره الأكثر تعبيراً عن تطلعات ومطالب الشعب الجنوبي) هو صاحب الأرض والحاضنة الجماهيرية والموارد الاقتصادية والمالية، والنصر العسكري والقوة الأمنية والعسكرية المنتشرة على الساحة الجنوبية، أما بقية الشركاء فهم أشبه بالضيوف المؤقتين، وليس لأحد منهم مشروعٌ في الجنوب، إلا مشروع الاحتلال وتأبيد نتائج حرب 1994م.
يستطيع المجلس الانتقالي أن يضاعف حضوره في الوزارة من خلال زيادة عدد الوزراء وحتى اختيار رئيس وزراء متبني للقضية الجنوبية ويستحسن أن يكون من القيادات النزيهة والماهرة في المجلس الانتقالي، لكنه حتى وبهذه البنية غير السوية للسلطة الشرعية، يستطيع المجلس ومن خلال كتلته الوزارية فرض مجموعة من مشاريع القوانين والإجراءات الإدارية والمراسيم التنفيذية التي تحمي الجنوب والجنوبيين من الحرب المعلنة عليهم من قبل شركاء الشرعية، سواء في ما يتعلق بحماية المال العام أو الممتلكات العامة ومحاربة الفساد وتحسين استخدام الموارد وتخفيف معاناة الجنوبيين في مجال الخدمات والقضايا المعيشية ومحاربة التضخم وحماية العملة من الانهياروخلق بيئة استثمارية تفتح سوق العمل وتحسن عملية الدورة الاقتصادية والحركة السياحية وغيرها من المجالات.
كل هذا يستدعي أن يستعين المجلس بفريق من الأخصائيين القانونيين والاقتصاديين والماليين وخبراء السياسة والمال والأعمال ومن رجال القانون الدولي والعلاقات الدولية والدبلوماسيين والخبراء في التفاوض والحوار مع الآخر صديقا كان أو خصماً.
وكما كنت قد أشرت في منشور سابق إن تحدي تغيير الأوضاع المأساوية التي يعيشها الجنوبيون يمثل مسؤولية في غاية الخطورة والجسامة والجدية، ويقع على الجميع وعلى رأس هذا الجميع قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي ووزراؤه وبقية هيئاته،
وعلى المجلس الانتقالي أن يعمل على كل الجبهات من أجل رفع المعاناة عن المواطنين الجنوبيين واستعادة ثقة قاعدته الجماهيرية التي منحته التفويض ذات يوم وتتطلع منه أن يكون عند مستوى هذا التفويض،
وفي هذا الإطار يقف المجلس أمام تحديين:
الأول: مراجعة مستوى أداء هيئاته وممثليه في الهيئات الحكومية والسياسية؛
والثاني: ضبط سلوك وتصريحات وأقاويل بعض من يتحدثون باسمه ويسيؤون إلى جماهيره وأنصاره ممن يكتوون بنيران العذابات المتواصلة ويتحملون كل هذا حفاظاً على مواصلة المشروع الجنوبي مراهنين على وفاء المجلس الانتقالي بشعاراته وأهدافه المعلنة.
والله المستعان على كل حال