فعالية حضرموت الأخيرة لم تكن مجرد مليونية عابرة، بل شكلت نقطة فاصلة حقيقية في المشهد السياسي الجنوبي. لقد كانت مليونية نوعية، لا من حيث الحشد فحسب، بل في رسالتها الواضحة وأهدافها العميقة، وترجمتها العملية لمضامين بناء الدولة الجنوبية المنشودة وتوجهاتها المستقبلية.
حضرموت اليوم تقود المشهد العام في الجنوب، لا بالشعارات بل بالفعل، وبات التحول أكثر وضوحًا نحو شعار: حضرموت أولًا وأخيرًا بقيادة أبنائها. وهذا ليس ترفًا سياسيًا، بل استحقاق تاريخي ومشروع وطني نابع من أرضٍ لم تنقطع عن التنمية، بفضل أبنائها المنتشرين في أصقاع الأرض، يحملون معهم قيم الوسطية في الدين، والاعتدال في الفكر، والفن الذي يعكس حكمة الأجيال وعمق التجربة.
حضرموت ليست منطقة مغلقة على نفسها، بل هي شريان منفتح على الجنوب كله. لم تكتفِ بالانتشار خارج حدود الوطن الجنوبي، بل امتد نسبها إلى عدن، فسكنها أبناؤها وتزاوجوا مع أهلها، وشكّلوا نسيجًا اجتماعيًا متداخلًا ساهم في نهضة المدينتين. ومن عدن، انطلقت حضرموت نحو مساحات أوسع، حاملة إرثها العريق ومشروعها الوطني.
نعم، حضرموت اليوم تقول كلمتها، لا بمعزل عن الجنوب، بل في صميم مشروعه الكبير: استعادة الدولة الجنوبية وبنائها على أسس الشراكة، والتنمية، والعدالة، والهوية الجامعة.