الغفوري يثير الجدل بمنشور "خزنت القات في الرياض" .. ما قصة خيمة العليمي ومن الحاضرون
أثار الكاتب اليمني مروان الغفوري جدلاً واسعاً بعد نشره منشوراً مطولاً بعنوان "خزنت القات في الرياض"، سرد فيه تفاصيل لقائه مع عدد من المسؤولين رفيعي المستوى في الحكومة الشرعية أثناء زيارته للرياض وأبرزهم نائبا الرئيس عبدالله العليمي وسلطان العرادة ورئيس البرلمان سلطان البركاني، ورئيس هيئة الأركان صغير بن عزيز، واللواء هاشم الأحمر.
في المنشور، أشار الغفوري إلى أن زيارته لم تكن ضمن برنامجه الأصلي، حيث كان يعتزم قضاء وقت مع والدته في جدة. ومع ذلك، تلقى دعوة للقاء شخصيات سياسية بارزة في الرياض. وتحدث عن الوضع السياسي المتدهور في اليمن، مشيراً إلى انهيار الحياة السياسية وضرورة وجود ميثاق شرف بين أبناء البلاد.
كما ناقش الغفوري مخاوفه من تغير موقف السعودية تجاه المسألة اليمنية في المستقبل، وأكد على الهيمنة الإماراتية على بعض المحافظات الجنوبية. وخلص إلى أن الوضع في اليمن بات مستعصياً وأن الساسة المحليين يواجهون تحديات كبيرة تتجاوز قدراتهم.
وإليكم نص مقال الغفوري:
خزنت القات في الرياض
لم تكن زيارة الرياض ضمن برنامجي. لقاء قصير في جدّة مع أمّي، بعد غياب طويل، ذلك كل ما في الأمر.
في ليلةٍ من ليالي جدة وصلتني دعوة، لنقل عزومة، من الرياض. اعتذرتُ، هي أيام معدودة مع أمي. مع الإلحاح فهمتُ أن شخصيات سياسية معروفة تود الالتقاء بي. داخل هذه الصيغة اللطيفة من "الإغراءات" جاءت الدعوة.
في مكتبه نصب د. عبد الله العليمي باوزير، نائب الرئيس، خيمة رمضانية كبيرة. قال لي على الهاتف إنه دعا عدداً من الشخصيات الرفيعة، كأنه قال على شرفك. غادرت اليمن قبل 26 عاماً، وغادرت الكتابة المنتظمة حول الشأن السياسي اليمني منذ العام 2018. شيء سار أن يبدي سياسي كل هذا الاحترام لكاتب.
انهارت الحياة السياسية في اليمن، دخلت البلاد في عصر المستعمرات.
العدوان الأميركي الراهن على الأراضي اليمنية، حتى وإن كان يتعقب منظمة إرهابية، هو الفصل الأحدث لما آلت إليه الشؤون في اليمن. إذا أخضعت أميركا الحوثيين، ولو ظاهريا، فسيكون بمقدورها أن تتحدث مع إيران بلهجة أكثر غلظة. وليس من صالح إيران أن تُخمد تلك الجبهة. سيواصل الحوثي، بالأمر الإيراني، الاشتباك مع أميركا، ليس دفاعاً عن غزة، بل لأنه الجدار الإيراني الأخير. إيران بحاجة إلى الوقت، وعلى الحوثي مشاغلة مهووسي البيت الأبيض في البحر ريثما تنجز شيئاً ما، أو يتطور الصراع إلى وضع يحمي إيران بطريقة أو أخرى.
العراق، بالنسبة لإيران، ليس جيشاً بل منجماً من الذهب، وليس من الجيد الزج به في صراع من هذا النوع.
اليمن الممزق بحاجة ماسة إلى ميثاق شرف بين أهله. سألتُ الدكتور عبد الله العليمي، نائب الرئيس، عن العُقدة التي تجعل المجلس الرئاسي عاجزاً عن الفعل. قال إن أعضاء المجلس اتفقوا، بالفعل، على ميثاق شرف، مبادئ عليا حاكمة، وأن تلك المبادئ العامة كتُبت في صفحة واحدة واتفق عليها الثمانية. في اليوم التالي أبلغهم عيدروس الزبيدي بسحب موافقته على "ميثاق الشرف" ذاك. وما هو طريق الخروج؟ ما من طريق خروج في الوقت الراهن. تبدو غاية المجلس الرئاسي الآن هي الحفاظ على الهيكل "الوهمي" للدولة اليمنية.
سألت اللواء هاشم الأحمر، في الليلة نفسها، ما إذا كانت لديه مخاوف من أن تغير السعودية مقاربتها للمسألة اليمنية في السنوات الخمس القادمة، كأن تعتقد أنه لم يعد من المصلحة رعاية ذلك الكيان البيروقراطي الوهمي المسمى الشرعية، فتقاسم معي المخاوف. أحد الساسة المرموقين أجابني: خمسة أعوام؟ كم أنت متفائل. كنت أضرب لهم مثالاً بموقف إدارة ترامب من روسيا. كانت أوكرانيا، في تقدير الإدارة السابقة، خط دفاع أمني "أميركي" متقدم. جاء أميركيون آخرون ليقولوا: هذه حرب عبثية لا علاقة لنا بها، فلنغادرها.
تفرض الإمارات هيمنتها الشاملة على بعض المحافظات الجنوبية. يعمل محليون كثيرون لخدمتها، وقد احتلت الجزر اليمنية وهي الآن تسير الطائرات السياحية إلى جزيرة سقطرى بفيزا إماراتية. وعندما زارها وزير الإعلام اليمني مؤخراً لم يجرؤ على نشر صورة له وإلى خلفه العلم اليمني إلا بعد مغادرة الجزيرة. حصل على العلم بعد عناء.
اليمن بلدٌ مستباح، وأهله تائهون ومشردون مثل خراف بني إسرائيل.
قضيت يومين في الرياض غفوت فيهم لثلاث ساعات فقط. لم أجد الكثير من الوقت.
قلت لهاشم الأحمر إني خزنت القات الليلة الماضية. وماذا حدث لك؟ أجبته: Shutdown. ضحك بصوت عال. يجيد الإنجليزية. في ديوانه الصغير حدثني عن تجربة عام قضاها في مدينة بون، وعن دراسته في انكلترا. لا يحمل الكثير من الود لحزب الإصلاح، رغم أنه "تربيت وهم عندنا في البيت، الوالد هو من أسس حزب الإصلاح" كما يقول. يقسم هاشم الإصلاح إلى: الحزب والتنظيم. أظنه كان يقصد: كان يرأس الحزب، وليس مؤسساً له. ربما.
في الدور السابع عشر، أو الرابع عشر، من فندق أنيق بوسط الرياض التقيت الشيخ سلطان العرادة، نائب آخر للرئيس اليمني. جاء في زيارة قصيرة وكان حريصاً على أن لا يعلم احدٌ بوجوده. تحدثنا لساعتين أو أكثر. يعرف العرادة العقدة اليمنية، وبمقدوره أن يضع يده على الخلل. غير أنه، مثل الآخرين الذين التقيتهم، بدا فاقد الحيلة. كان أنيقاً للغاية، وعلى دراية بالحقيقة اليمنية كما هي، ويعترف بأن تعقيداتها باتت تتجاوز قدرات ساسة البلاد.
سألت الجنرال علي محسن الأحمر، في جدة، عن طريق الخروج فأشار بيده إلى الفراغ قائلاً الله وحده يعلم.
كم عدد المشاريع الاستثمارية التي افتتحت في مأرب في العام الماضي؟ سألت الشيخ العرادة، فنقل سؤالي إلى السيد الغليسي، مدير مكتبه. أجاب الفتى بأدب: حوالي 24 مشروعاً. هذا الرقم مذهل، يعطيك صورة مفزعة عن بلاد لا يود أحد أن يضع فيها ماله. ما الأمر؟ قال العرادة إن الناس لا تشعر أن مأرب قادرة على البقاء مستقبلاً. غير أنه، شخصياً، بدا واثقاً من قدرة مأرب على البقاء، وتحدث عن مشاريع كبيرة، مثل التصنيع العسكري، بناء مؤسسات طبية، ومشروع مطار. فضلاً عن منظومة الأمن.
وفيما يخص طريق الخروج، أجاب بما يشبه جواب الجنرال علي محسن الأحمر.
*- إلى جزء آخر من تخزينة الغفوري لاحقا