الرأي العام وأهميته في رسم السياسات وتصويب المسار

2025-02-19 15:34

 

في بعض دول العالم مراكز لـ "قياس الرأي" وإذ يقوم منتسبوها بأخذ عيِّنات من آراء فئات وشرائح المجتمع في أي شأن من شؤون الحياة وفي مختلف مجالاتها والتعرُّف على مزاجهم ومن خلالهم على رأي المجتمع بشكل عام حول أداء السلطات المركزية والمحلية، وأداء وموقف الأحزاب والمكونات المعارِضة أيضاً طالما كانت في تلك البلدان تقع في المعارضة -سلطة ظل- "ناهيكم عن أن تكون مشارِكة"، إذ يقوم المنتسبون بذلك ويرفعونه إلى المراكز فإن المراكز وبالتأكيد تقوم بمراجعته واستخلاص مضامينه ورفعه إلى القيادة العليا للاستفادة منه في رسم السياسات وتصويب المسار، وفي هذا الإطار ومن واقع تجربة أيام دولة الجنوب كانت الأجهزة الأمنية وفي سياق مهامها ومن خلال آلية عملها تقوم باستقصاء الرأي من أحاديث العامة في محطات نقل الركاب - أسواق الخضار والأسماك والقات والمقايل والمنتديات والوقوف عليها وعلى أيّ تجمعات -وجوه غريبة- حركة سيارات وكل ما يفترض فيه الاشتباه والإخلال بالأمن والاستقرار والسكينة العامة للمواطنين والإضرار بالممتلكات العامّة والخاصّة وتعكير صفو الحياة المدنية والطبيعية اليومية، إذ تقوم بذلك وتستوعب ما يدخل في نطاق واجباتها ومهامها ضمن خطط وآليات عملها ومتابعتها اللاحقة، فإنها ترفع ما يرتبط بالقيادة إليها للاستفادة أيضاً.

 

في بلادنا اليوم رغم حاجتها وحاجة القائمين على شؤونها للرأي هناك عزوف وعدم التفات إليه، إن العزوف أدّى إلى فشل السياسات وتصويب المسار والفشل ساعد على انشار الفساد والفساد أوصل الناس إلى ضائقة معيشية وخدمية غير مسبوقة فارتفع أنين معاناتهم وبكاء أطفالهم بطلب ما يسدون به رمق جوعهم، وحدّث ولا حرج، إن هذه المعاناة وأقل ما يمكن وصفها بالمأساوية والمؤلمة قد أخرجت أبناء شعب الجنوب إلى الشوارع في احتجاجات سلمية تعبيراً عن رفضهم لها وتمسكاً بحقهم في الحياة الحرة والعيش الكريم في رحاب وطنهم الواعد والزَّاخر بالثّرَوات والعائدات والإيرادات السيادية والضريبية العامة التي يلتهمها الفساد وهواميره وكأن الجنوب جغرافيا بدون شعب، وعلاوة على ذلك وتزامناً مع الاحتجاجات الدولار يتحدّى ويشمّر عن ساعديه وترتفع أسعاره وتوقعات بوصوله إلى مستويات قياسية ومفجعة ومن جهة أخرى ربما عدم القدرة على دفع المرتبات، والعملة المحلية تذرف دموع تدهورها وتراجعها المستمر والمخيف بعد أن فقدت 80 % من قيمتها الشرائية تقريبا قياسا بالأعوام الماضية والتجار بعضهم بدؤوا يغلقون محلاتهم التجارية والضرائب المحلية ترتفع وانعكاس ذلك على المرتبات والمداخيل، وحياة الناس تزداد جحيماً ومعاناة، وشهر رمضان المبارك على الأبواب، والانتقالي يُحَمّل الحكومة -حكومة الشراكة- المسؤولية ومن كان سبباً في المشكلة لا يمكن أن يكون الحل أو جزءا من الحل، وبين كل هذا وذاك يظل المواطن هو الضحيّة.

 

وخلاصة القول: التعويل على الانتقالي باتخاذ خطوات وإجراءات عملية وملموسة تأتي بأُكُلِها في الواقع المعاش وإنقاذ شعبه من جور المعاناة قبل أن تتصاعد وتتوسع الاحتجاجات وتتحول إلى ثورة سلمية مجتمعية ويتسع الخرق على الراقع "الجوع كافر".