أزمة الشراكة: المجلس الانتقالي الجنوبي والسلطة الشرعية في مفترق الطرق

2025-02-03 06:36
أزمة الشراكة: المجلس الانتقالي الجنوبي والسلطة الشرعية في مفترق الطرق
شبوه برس - خـاص - عــدن

 

*- شبوة برس - حافظ الشجيفي

لم يعد هناك أدنى مبرر لاستمرار الشراكة الهشة القائمة بين المجلس الانتقالي الجنوبي والسلطة الشرعية، التي تمثل بقايا الدولة اليمنية. وإذا كان ثمة ما برر قيامها منذ البداية، فإنّ هذه المبررات قد انتفت بعد وقت قصير من قيامها، وكان الأجدر بها أن تسقط وتتلاشى في وقت مبكر من عمرها.

 

فإن كانت هذه الشراكة قد تأسست بهدف التظافر وتوحيد الإمكانيات العسكرية لمواجهة الحوثي، كما زعم الطرفان آنذاك، فقد مضت أربع سنوات عجاف على قيام هذه الشراكة، دون ان يتحقق أي تقدم ملموس على طريق هذا الهدف المعل حتى الان. حيث لا زال الحوثي يسيطر على ذات المواقع التي كان يسيطر عليها عند بدء هذه الشراكة،ان لم يكن قد توسع اكثر إلى مواقع جديدة منذ ذلك الحين، مستغلاً حالة الشلل والتردد التي تعيشها الأطراف الأخرى.

 

وإذا كانت هذه الشراكة قد قامت من أجل مواجهة الظروف الاقتصادية ومعالجة الأزمات الخدمية المتفاقمة التي يعاني منها الشعب في الجنوب والمناطق المحررة خارج حدود الجنوب، فإنّ الأوضاع قد ازدادت تفاقمًا وسوءًا منذ انعقاد هذه الشراكة المشؤومة بين الطرفين، ووصلت إلى مستويات غير مسبوقة من التردي والانهيار في مختلف جوانب الحياة التي يعيشها الشعب جنوبًا وشمالًا.

 

إذن، ما هي المبررات التي تدفع إلى استمرار هذه الشراكة العبثية بين الجانبين، على الأقل من منظور جنوبي؟ 

فمن المنظور الجنوبي،فلا نكاد نتبين أي مبرر منطقي لاستمرار هذه الشراكة التي أثبتت فشلها الذريع في تحقيق أي من أهدافها المعلنة بين ممثلي الجنوب والشمال، كما فشلت من قبلها الوحدة اليمنية بين الشمال والجنوب. فلماذا نستمر في تجريب المجرب، وفي تكرار نفس الأخطاء التي جرّت الويلات على شعبنا؟

 

والأدهى من ذلك، هو أن السلطة الشرعية قد استغلت هذه الشراكة للتآمر على القضية الجنوبية، وسخرتها للالتفاف على إرادة الشعب الجنوبي، والانقلاب على أهدافه وتطلعاته، واتخذت منها وسيلة لتعذيبه وتركيعه والتطاول على تضحياته والإساءة إلى قياداته. على نحو يؤكد ان الشرعية هي الطرف الوحيد المستفيد من هذه الشراكة، وفي حين يمتلك الجنوب الأرض والقوة العسكرية والأمنية والموارد الاقتصادية والمقومات السياسية والبنية التحتية والموانئ والمطارات. فان الشرعية، لا تمتلك أي شيء لتكون شريكًا مكافئًا للمجلس الانتقالي الذي يمثل الجنوب. فمقومات الشراكة يملكها الطرف الجنوبي، فيما لا تمتلك الشرعية أي مقومات تؤهلها لتكون الطرف المقابل له.

 

فلماذا يستمر المجلس الانتقالي في شراكة تضره وتضر قضيته، وتخدم الطرف الآخر وحده؟ لماذا يستمر في شراكة أثبتت فشلها وجعلت منه مجرد تابع لا يملك زمام المبادرة؟ 

 

إن الاستمرار في هذه الشراكة يعني الاستمرار في تهميش الحقوق الجنوبية وتعزيز التحديات التي يواجهها الشعب الجنوبي مما يستدعي من قادة المجلس الانتقالي اتخاذ خطوات جدية نحو إعادة تقييم هذه العلاقة. فالوقت قد حان للتحلي بالشجاعة اللازمة لإعادة رسم ملامح الشراكة السياسية بما يحقق مصالح الشعب الجنوبي ويعيد له اعتباره وحقوقه.

 

باختصار، إن الوضع الحالي يبرز الحاجة لتفكير عميق ونقدي حول تلك الشراكة، فهي لم تعد ذات جدوى وتفتقر لمبررات استمرارها ويجب أن يتمحور التركيز على تحقيق الأهداف الحقيقية للشعب الجنوبي وبناء مستقبل أفضل، بعيدًا عن سياسات التكتيك والالتفاف على الإرادة الشعبية التي تتبعها السلطة الشرعية.