ضرورة تمكين النخبة الحضرمية من تأمين كامل حضرموت

2024-12-28 11:42
ضرورة تمكين النخبة الحضرمية من تأمين كامل حضرموت
شبوه برس - خـاص - المكلا

 

في ظل تصاعد الدعوات الشعبية والسياسية في الجنوب، حول الضرورة الأمنية لإخراج قوات المنطقة العسكرية الأولى التابعة للقوى الشمالية من حضرموت، وهي مطالب تعد انعكاساً لمخرجات اتفاق الرياض الذي رعته المملكة العربية السعودية، ويهدف إلى تنظيم العلاقة بين الأطراف المختلفة وتعزيز الاستقرار في الجنوب. ورغم الالتزام المبدئي الذي أبدته الأطراف بهذا الاتفاق، إلا أن هناك مماطلة واضحة من القوى الشمالية في تنفيذ بند إخراج هذه القوات، مما يعمق أزمة الثقة ويزيد من تعقيد المشهد السياسي والعسكري في المنطقة.

 

تمثل حضرموت واحدة من أهم المحافظات الجنوبية التي عانى أبناءها من هيمنة هذه القوات التي تخدم القوى الشمالية نظراً لموقعها الاستراتيجي وثرواتها الطبيعية، مما يجعلها هدفاً رئيسياً لهذه القوى التي تسعى للسيطرة عليها. ومع ذلك، فإن وجود هذه القوات، التي تتبع فعلياً قيادات شمالية وتتحرك وفق أجندات سياسية تتعارض مع مصلحة أبناء حضرموت والجنوب. حيث أشارت تقارير عديدة إلى أن هذه القوات ليست مجرد قوات نظامية، بل أصبحت أداة بيد جماعات تسعى لتحقيق مصالحها الخاصة على حساب الأمن الوطني بدلاً من محاربة ميليشيا الحوثيين. فقد تم توثيق تعاون بين هذه القوات وميليشيات الحوثي في تهريب الأسلحة والمخدرات عبر الأراضي الجنوبية، مما يشكل خطراً كبيراً على الأمن المحلي والإقليمي. ولعل حادثة مقتل جنديين سعوديين على يد عناصر من هذه القوات تعد أبرز دليل على انحراف هذه القوات عن مهمتها الأساسية وتحولها إلى مصدر تهديد مباشر، حتى للدول الداعمة للاستقرار مثل السعودية.

 

السياق العام لهذه المطالب يتجلى في الإرادة الشعبية الحضرمية التي تطالب منذ سنوات بضرورة تحرير أراضيها من أي وجود عسكري شمالي، خاصة تلك التي تواصل استهداف مشروع محاربة الحوثيين. فهذه القوات لا تكتفي بالوجود العسكري غير الشرعي في حضرموت، بل تساهم في تقويض جهود التنمية والاستقرار من خلال سياسات القمع والتهريب والتخادم مع الحوثيين.

 

ومن الناحية القانونية والسياسية، فإن إخراج هذه القوات يتطابق تماماً مع بنود اتفاق الرياض، الذي نص على إعادة انتشار القوات العسكرية في الجنوب وتركيزها على جبهات القتال ضد الحوثيين. إلا أن القوى الشمالية تحاول المماطلة في تنفيذ هذا البند لأسباب تتعلق برغبتها في الحفاظ على موطئ قدم في الجنوب، وتحديداً في حضرموت والمهرة، لضمان مصالحها الاقتصادية والسياسية. هذا التعنت يقوض أي فرص لتحقيق سلام شامل ومستدام، ويضع مستقبل الاتفاق برمته على المحك، ولعل إنسحاب الرئيس عيدروس الزبيدي بداية لخطوات قادمة.

 

أما من الناحية الأمنية، فإن وجود هذه القوات يعزز من النشاطات غير القانونية التي تهدد الأمن الإقليمي، خاصة في ظل التورط المتكرر في عمليات تهريب الأسلحة والمخدرات عبر الحدود. هذا الأمر لا يضر فقط بالجنوب ويعزز قدرات الحوثيين، بل يؤثر سلباً على الدول المجاورة التي تعتمد على استقرار المنطقة كجزء من أمنها القومي. حادثة مقتل الجنديين السعوديين مثال واضح على أن بقاء هذه القوات لا يشكل خطراً داخلياً فحسب، بل يتعداه ليهدد المصالح الإقليمية. لذا فإن المطالب الجنوبية بإخراج قوات المنطقة العسكرية الأولى من حضرموت ليست مجرد مطالب شعبية، بل هي ضرورة لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة ككل. إن استمرار وجود هذه القوات يمثل عقبة أمام أي جهود لتحقيق سلام شامل أو تعزيز سلطة الدولة في الجنوب. لذلك، فإن المجتمع الدولي، بقيادة المملكة العربية السعودية، مطالب بممارسة ضغط حقيقي على القوى الشمالية لتنفيذ اتفاق الرياض بكل بنوده، وضمان احترام إرادة الشعب الجنوبي في تأمين أراضيه بعيداً عن أي تدخلات عسكرية أو سياسية غير مشروعة، خاصة تلك التي اتضح تخادمها مع الحوثيين.

*- شبوة برس – عين الجنوب