في خطوة تعبر عن رفض واضح لتجاهل تطلعات الجنوب وشعبه، أعلن القائد الرئيس عيدروس الزبيدي، انسحابه من اجتماع في الرياض، في مطلب لتحقيق شراكة حقيقية وفعالة ضمن مؤسسات الدولة. خطوة الرئيس الزبيدي ليست مجرد تعبير عن موقف سياسي، بل هي انعكاس لتطلعات شعب الجنوب الذي يرفض أن يُعامل كطرف هامشي في معادلة تُصمم لتجاهل حقوقه ومطالبه التاريخية. الجنوب ليس مجرد طرف مثل جماعة الحوثي أو أي حزب سياسي، بل هو شعب له جذور تاريخية، وسيادة، ودولة كانت معترف بها دولياً قبل الوحدة اليمنية.
تصحيح الشراكة الذي طالب فيها الرئيس الزبيدي لا يعني منح الجنوب دوراً في إطار شراكة شكلية مزيفة إستغلالية، فضلت إستراتيجية الهيمنة والتآمر على التنمية والنزاهة، بل يتطلب الاعتراف بالجنوب كشعب بأكمله له إرادة سياسية وتاريخية لا يمكن تجاوزها. الجنوب يمتلك هوية وكيان سياسي واجتماعي متميز عن الشمال، وشراكته يجب أن تقوم على أساس هذا الاعتراف. مقارنته بجماعات مثل الحوثيين أو أحزاب سياسية كالإخوان المسلمين تُعد تقليلاً من شأن قضيته وتجاهل لتاريخه كدولة ذات سيادة قبل عام 1990.
المطالب التي يرفعها الزبيدي تأتي في سياق شعبي واسع يرفض استمرار الاستغلال والفساد الذي مارسته النخب الشمالية لعقود. منذ انطلاق عاصفة الحزم، تدفقت مليارات الدولارات لدعم الشرعية وتحقيق الاستقرار، لكن مبالغ كبيرة من هذه الموارد استغلته قوى نافذة لتحقيق مصالحها الشخصية وأجندداتها السياسية على حساب تطلعات الشعب الجنوبي. هذا الوضع أدى إلى تعميق الفجوة بين الجنوب والشمال، وأثار تساؤلات جدية حول طبيعة الشراكة المفترضة.
وفي ظل التقارب السعودي الإيراني برعاية صينية، الذي أشارت فيه تقارير أنه أنتج تفاهمات سرية مع الحوثيين، يشعر الجنوبيون بقلق متزايد من أن يُنظر إليهم كجزء هامشي في أي تسوية سياسية قادمة. الشعب الجنوبي، الذي عانى طويلاً من التهميش والقمع، يرى في هذه التحركات خطراً حقيقياً على تطلعاته، خاصة إذا استمرت القوى الإقليمية والدولية في تجاهل قضيته الأساسية كأولوية.
المجلس الإنتقالي ليس كيان سياسي محدود و طرف في معادلة النزاع، بل هو طموح شعب كامل يسعى لاستعادة حقوقه التاريخية وبناء مستقبله على أسس العدالة والشراكة الحقيقية. هذه المطالب ليست مجرد طموحات، بل هي استحقاقات مشروعة تستند إلى تاريخ طويل من الكفاح والتضحيات. تجاهل هذه الحقيقة لا يؤدي إلا إلى تعقيد الوضع وإطالة أمد الصراع.
هذه النظرة ليست مطلباً بل واجب عند النظر الى مقترحات حل الازمة اليمنية، الجنوب ليس مجرد طرف يُضاف إلى المعادلة، بل هو ركن أساسي فيها. أي حلول تتجاوز هذه الحقيقة ستكون حلولاً قاصرة، غير قادرة على تحقيق السلام والاستقرار في اليمن والمنطقة بأسرها.
*- شبوة برس – عين الجنوب