في منصف الستينات كنا صغارا ، ولكن نتذكر ما كان يفعله أهالينا آنذاك من الإستماع للمذياع من خلال إذاعة ال بي بي سي من لندن ، وصوت العرب من القاهرة ، وإذاعة صوت الساحل التي تأسست عام 1964 من خلال القاعدة البريطانية في الشارقة .
وملخص ما كان يذاع في هذه المحطات ، كانت ال بي بي سي تتحدث عن المقاومة في عدن وأوضاع القوات البريطانية هناك ، وفي 1967 كنا نسمع عن نية حكومة العمال البريطانية الإنسحاب من المنطقة ، في حين كانت إذاعة صوت العرب من القاهرة تتحدث بصوت أحمد سعيد عن ضرورة مغادرة القوات البريطانية عدن والخليج العربي ، وتذيع مقاطع من خطابات الزعيم الراحل جمال عبدالناصر ، التي كان يتحدى من خلالها التواجد البريطاني في المنطقة .
أما إذاعة صوت الساحل والتي كانت تسميتها نسبة للتسمية البريطانية للإمارات آنذاك " إمارات الساحل المتصالح " تتحدث عن لقاءات الوكلاء البريطانيين بحكام الإمارات والحديث حول أوضاع المنطقة بعد إعلان حكومة العمال البريطانية في 16/1/1968 الإنسحاب من شرق السويس ، وتحديد الإنسحاب النهائي من الخليج العربي في موعد أقصاه نهاية عام 1971 .
وكنا نستمع من تلك الإذاعات ردود فعل حزب المحافظين المعارض لقرار الإنسحاب البريطاني من شرق السويس والخليج العربي ، بالإضافة إلى ردود الأفعال الإقليمية وأحاديث الشاه بأن إيران ستقوم بملء الفراغ الذي سوف تتركه بريطانيا ، وكذلك إدعاءات إيران بتعبية البحرين والجزر العربية الثلاث " طنب الصغرى ، وطنب الكبرى ، وأبوموسى " للملكية الإيرانية .
كانت بلا شك فترة تاريخية حاسمة ، وهنا يظهر القائد المحنك الذي لم تنطلي عليه سياسة بريطانيا المخادعة ، التي رسمت الحدود والفواصل بين إمارات الخليج ، والتي لم تكن موجودة قبل إحتلالها للمنطقة عام 1820 ، وأعني بهذا القائد الزعيم العربي الخالد في نفوس كل العرب الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الذي كانت نظرته ثاقبة للأطماع الإيرانية في المنطقة بعد الإنسحاب البريطاني من الخليج العربي .
وإنطلاقاً من هذه الرؤية للشيخ زايد ، كان اللقاء التاريخي بينه وبين الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم حاكم دبي لتسوية الحدود بين إماراتي أبوظبي ودبي ، ووضع أول لبنة في مشروع الإتحاد الإماراتي ، بتوقيع الوحدة الفيدرالية بين الإماراتين في 18/2/1968 .
هذه ذكرياتي عن بدايات الإتحاد الذي تكلل بالنجاح في مثل هذا اليوم 2 ديسمبر 1971
ولمزيد من التفاصيل عن تاريخ الإتحاد وتاريخ تلك الفترة ، أنصح بالعودة لمؤلفاتي المرفق صور أغلفتها ، وهي كتابات من شخص عاصر هذه الفترة الهامة في تاريخ المنطقة .
د. خالد القاسمي