حينما كان عنوان دراستي "الوحدة اليمنية حاضراً ومستقبلاً" عام 1984، كمتطلب للتخرج من كلية العلوم الإدارية والسياسية من جامعة الإمارات آنذاك والذي أصبح كتاباً فيما بعد وطبعته جامعة الكويت 1985، كان هذا الموضوع جديداً على الساحة العربية، حيث كانت هناك بوادر للتقارب بين دولتي اليمن بعد قطيعة طويلة من الحروب والتجاذب الدولي، ولعل زيارة دولتي اليمن آنذاك كانت بالنسبة للمواطن الخليجي كالمكتشف لكنوز تاريخية مخبأة تحت عباءتي الرأسمالية والإشتراكية، في بلد متخلف لا زال يحكم بالعادات والتقاليد القبلية، فلم تكن شعارات الإشتراكية العلمية في الجنوب سوى محاولة تنفيس لحالة الإحتقان التي يعيشها الجنوب بسبب صدود جيرانه العرب، ولم يكن الشمال القبلي المتخلف سوى مزيج من نموذج أنتهى من دول الخليج منذ السيطرة البريطانية على المنطقة 1820 .
أمام هذا الواقع كانت اليمن تنشد الإنضمام للكيان الخليجي الجديد "مجلس التعاون لدول الخليج العربية" ولكن كان يحول دون ذلك خطوات كبيرة لدمج اليمن في الكيان الخليجي، فهو يحتاج لمشروع مارشال لإنقاذه وتأهيلة، فهل كان المجتمع اليمني نفسه قابل للتغيير، أم أن مناطق النفوذ التي تتحكم باليمن تحول دون هذا الإندماج .
في واقع الأمر المجتمع اليمني غير قابل للتغيير فالنفوذ السياسي والقبلي داخل اليمن الذي حال دون إندماجه في مجلس التعاون، هو نفسه يحول اليوم دون إستقرار اليمن، ومطالب اليمنيين بالخدمات التي تفشل رغم تعاقب الحكومات، تحول دون تحقيقها مصالح النفوذ التي ستظل عائقاً دون إستقراره إذا لم يكن هناك تغيير حقيقي من داخل المجتمع اليمني نفسه وليس من خارجه .
د. خالد بن محمد بن مبارك القاسمي