من المشاهدات المنظورة والمسموعة والمتداولة في الشارع ومن تسارع القرارات الصادرة المباغتة والإقالات دون علم الطرف المستهدف، يوحي ان هناك اتصالات لتوحيد الكلمة والاتفاق لتأييد مايجمع عليه لتحديد الاهداف الذي يجب تحقيقها اقتناصا للفجوات وربما الفرص التي تساعد على ذلك مستغلين الضربة الاسرائيلية المحدودة على ميناء الحديدة وهي جديدة لتوسيع نطاق الحرب بآلية مختلفة باستخدام اسلحة جديدة قد تضر الانسان والارض وتطال الجنوب نحو التغيير الذي لم نستطع التكهن به على ما يرام ولا شك أن الحرب ستكون اكثر تعقيدا من ذي قبل سوف يحدده عامل الوقت .. وان قيادات المؤتمر الشعبي العام العفاشي يدرك ذلك وفيه من الساسة الذي لا يستهان بهم يملكون من الدهاء والمكر ما يكفيهم فيما يخططون له لتثبيت الوحدة المشئومة ولملمة ما يجب تجميعه من عناصر وأنصار قاعدتهم من جديد، ولذا جاءت الاقالات تصب في هذا الجانب وكذا التعيينات والتكليفات لأجل التحكم في مفاصل الدولة المتمثلة في السلطة المحلية مما يتوجب على المجلس الانتقالي حماية كوادره من تغييرات قد تطالهم في ظل ظروف تداهمه من هنا وهناك بمكونات اغرتها الاموال السخية التي تعمل جاهدة على خلق الفوضى تحت غطاءات وذرائع ملموسة لا دخل للمجلس الانتقالي فيها وجهت سهامها نحو الفئات الشبابية بإعتبارها الركيزة الاساسية للدفاع عن الوطن.
ويأتي الخطر حين يتخذ الانتماء القبلي جسرا للوصول الى الهدف المرسوم له مستغلين بذلك الاوضاع المتردية الذي يصعب معالجتها بين يوم وليلة والتكهن بها في ظل التغيرات المتسارعة والتدخلات الخارجية لوجود الفراغ المفروض.
ان مايتم التداول فيه بالقنوات الاعلامية بوصول احمد علي عبدالله صالح وطارق عفاش الى حضرموت بالذات دون غيرها لم يأتي من فراغ وانما تم الاختيار و الاعداد له لاهداف وغايات لاختبار مدى ردة الفعل ودرجة امكانية التمكين على سبيل المثال دراسة ضم الوادي والصحراء لأقليم مأرب كما حصل لضم باب المندب الى تعز من قبل وأخرى حسب التقسيم الاداري بقرار؛ الذي لا يلغيه الا بقرار ايضا مثله.
في ظل هذه التغيرات والاستحداثات جعلت الجنوب امام امور يحتم عليه دراستها بدرجة عالية من الدقة والاعداد العالي لمواجهة التحديات لان المشكلات اصبحت غير مقصورة على موقع معين بل اصبحت عالمية نتيحة لتشابه وسائل الانتاج العالمي وهنا بيت القصيد التي جعلت القضية الجنوبية تأخذ منحى دولي لموقعها الاستراتيجي الهام كممر تجاري دولي نتيجة الترابط الاقتصادي وطرق الانتاج والتسويق فتحولت المشكلات والقضايا من أقليمية الى عالمية مما كان له الأثر من تأخير لاستعادة الدولة الجنوبية كما نرى؛
فالجنوب امام قضية مصيرية وهوية، وهي قضية تخطت الحدود والاقليم،فالحل لها أصبح حلا عالميا لا يأتي إلا من تضافر الدول لمعالجة اي مشكلة أو قضية،فعالم اليوم غير عالم الامس وعلينا أن نفهم ذلك فهما جيدا ونستوعب التطورات العالمية. اذن لابد من الطرح العقلاني بالكيفية الذي يفهمه العالم و يسير عليه و ترعى مصالحه الدولية ويتوقف على درجة قدرة اقناعه وزرع الثقة فيه .
ولذا يتطلب من الجنوبيين ان يضعوا الوطن في حدقات اعينهم بنبذ الخلافات الجانبية والكلام الكثير الذي يجب ما قبله للتفرغ لقضيته الحقيقية باستعادة الدولة والهوية لأنها مصيرية، والثقة بالقيادة الجنوبية المنتخبة من وسط الميادين التحررية الشعبية في عام 2017 المتمثل بالمجلس الانتقالي الجنوبي الذي يمثل الصوت الجنوبي حتى استعادة الدولة الجنوبية وهو مطلب شعبي بقيادة اللواء الركن الرئيس عيدروس قاسم الزبيدي.
ان الوحدة قد احدثت تصادما حقيقيا بين التعامل مع الواقع وبين تفكير صنعاء القبلي والتي شكلت ثقافة وطريقة حياة الشعب في الجمهورية العربية اليمنية التي تعتمد على القبيلة وليس الحكومة وهذا يعارض ما هو موجود في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وهنا تكمن كارثة الجنوب في وحدة اندماجية غير متجانسة فكريا وثقافيا وعقيدة، والشعب هو الاهم حيث لا يد له فيها مما تأثر كثيرا.. مست ثقافته وتاريخه وهويته وسمعته ووضعته في خازوق الداخل القبلي والطائفي المتخلف مما يجعله في حرب داخلية وتخاصم مستمر مع ذاته..
لا نتمنى ان نصل الى التدمير الذاتي هذا مانخشاه مستقبلا فنبكي حينها لاجل وطن غدر به، نبكي حتى لا نرتمي في أحضان الحرب فينتصر الحرب على الشعب أي هيمنة الحرب على الشعب بالاقتتال والاحتراب الداخلي فنكون في حالة اختطاف بدلا من التسامح والتصالح مع الذات الذي دعى إليه الرئيس عيدروس قاسم الزبيدي إتقاءا لقطع العلاقة مع الذات، فإن القطع مع الذات والاستمرار فيها في الخروج على اللعبة السياسية السائدة وتغيير القاموس السياسي وفي تدمير البنى التحتية وقد تساهم إسرائيل على تعميق الدمار بعدما وصلت الى ميناء الحديدة وتعدد تواجد الاساطيل الحربية في البحر الأحمر والبحر العربي وتبادل الصواريخ مع الحوثي وانهيار مراكز اجتماعية وثقافية ومن تغيير للهيكل السكاني في جنوبنا العربي رافقه انتقال للموانئ من الجنوب الى اليمن وهناك الكثير من التغيرات المتسارعة على جنوبنا الحبيب مما دفع المستقبل بتقديم إستقالته بعدما رأى بأم عينيه أن شباب الغد فارغ الأكواب.
وكما قلنا من قبل ان الأمر يتوقف في النهاية على الكيفية التي سيتعامل بها الجنوب من بني جنسه العربي مع العالم أو التي سيتعامل بها العالم مع الجنوب.. وتلك القصص نداولها بين الناس لعلها تكون مدركة لمسايرة الاحداث والتطورات وتجنب المكونات التي تدمر ولا تبني.