حزب الله ليس منظمة إرهابية… فتّش عن السعودية

2024-07-14 10:24
حزب الله ليس منظمة إرهابية… فتّش عن السعودية
شبوه برس - متابعات - اخبارية

 

جامعة الدول العربية أقدمت بدفعٍ من السعودية على لعب دور ما في الساحة اللبنانية، لا يمكن أن يتمّ بعيدًا عن العلاقة الإيجابية مع حزب الله.

 

*- شبوة برس - العرب

ترتيبات سعودية جديدة على وقع المصالحة مع إيران

كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت، الأربعاء 26 يونيو الماضي، بأن لجنة التحقيق العسكرية الخاصة التي شُكّلت قبل نحو عام، خلصت إلى أن انفجار المبنى الذي وقع في 11 نوفمبر 1982 في مدينة صور اللبنانية وأدى إلى مقتل 76 جنديًا إسرائيليًا بالإضافة إلى 15 معتقلًا لبنانيًا كانوا محتجزين داخل المبنى، نجم عن عملية إرهابية نفّذها حزب الله وليس عن انفجار غاز كما زعمت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية حتى اليوم.

 

ليس من باب الصدفة أن يتزامن تقرير أحرونوت التي تريد أن تؤكد على أن أعمال حزب الله هي إرهابية، مع إعلان الأمين العام المساعد لجامعة الدولة العربية، حسام زكي، أن الجامعة لم تعد تصنّف حزب الله كمنظمة إرهابية. وجاء ذلك في تصريحٍ متلفزٍ لقناة القاهرة الإخبارية، عقب زيارته العاصمة اللبنانية بيروت في 29 يونيو الماضي.

 

غير أن زكي في اليوم التالي اعتبر بأن تصريحاته حول عدول الجامعة عن وصف الحزب “فسّرت في غير سياقها الصحيح”، بحسب تصريح له لصحيفة الأهرام المصرية، وبأن “هذا لا يعني بأي حال زوال التحفظات والاعتراضات العديدة على سلوك وسياسات وأفعال ومواقف حزب الله، ليس فقط داخليًا وإنما إقليميًا أيضًا”.

 

أفصح زكي وعبّر عما دار داخل أروقة الاجتماعات لسفراء الدول العربية من نقاشات وتفاهمات مستندة إلى تغييرات الواقع في المنطقة، وأدّت إلى الخروج ببيانه الذي أثار عاصفة من ردود الفعل الشعبية التي انقسمت بين مرحّب (على مضض) ومعارض وناقد لاذع لهذا القرار. لكنّ ما لم يقله زكي قرأه الكثير من المتابعين الذين راحوا يسألون عن الدور السعودي وراء هذا البيان؛ فهل تقاطعت رؤية المملكة مع إزالة صفة الإرهاب عن الحزب فكان البيان، وما هي الأسباب وراء ذلك؟.

 

كانت الولايات المتحدة من أبرز المنتقدين لهذا القرار، حيث أكّد نائب المتحدث باسم الخارجية الأميركية، فيدانت باتيل، الإثنين 2 يوليو الجاري، أن الولايات المتحدة ستواصل حثّ الحكومات في جميع أنحاء العالم على حظر حزب الله، أو تقييده. وقال باتيل تعليقًا على قرار الجامعة العربية، “نعتقد أنه لا يوجد سبب لاتخاذ خطوات لإزالة هذا التصنيف، وليس هناك شكّ في أن حزب الله يظل منظمة إرهابية خطيرة، وقوة مزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط”.

 

حسمت جامعة الدول العربية قرارها، وقالت ذلك بوضوح رغم محاولة التجميل من قبل زكي، ورغم المعارضة الشديدة من قبل الإدارة الأميركية؛ فالوقت اليوم ليس لجبر خواطر إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، التي تركت انطباعًا مزعجًا عند الناخب الأميركي بعد المناظرة الأخيرة. إنه على ما يبدو وقت إعادة التموضع وإعادة تدفيع الفاتورة العالمية لبايدن من قبل المملكة العربية السعودية.

 

*- هناك أسباب رئيسية وراء التراجع العربي عن تصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية ومرتبطة خاصة بالعلاقة بين السعودية وإيران التي دخلت حيّز التنفيذ الدبلوماسي بمباركة صينية

 

لم تنجح إعادة بناء العلاقة المتوترة التي تحكمها حالة من “اللاانسجام” بين الرئيس بايدن وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، منذ وصول الأول إلى البيت الأبيض، رغم المحاولات الحثيثة من قبل الإدارة الأميركية وترجمتها في القمة التي عقدها بايدن في الرياض في يونيو 2022 والتي هدفت إلى تعزيز العلاقات مع المملكة. فالأمور لم تسر على ما يرام، وعلى ما يبدو كان لولي العهد السعودي وجهة مختلفة عما يريده الرئيس بايدن، حيث إنه عمل على دعم تموضعه، ليستفيد من الانقسام الدولي العمودي، الذي أوجدته حرب أوكرانيا بين الصين وروسيا والولايات المتحدة الأميركية.

 

استطاع الأمير محمد بن سلمان وضع قراءة جديدة لبلاده تحاكي سياسة اللعب على أكثر من محور، دون أن يتموضع بشكل أخير في أحد المعسكرين. إذ من جهة لم تزل العلاقات الأميركية السعودية قائمة، ولم يزل اتفاق “كوينسي” الذي وقّع بينهما عام 1945 قائمًا رغم اهتزاز العلاقة، ومن جهة ثانية متّن ولي العهد السعودي سياساته مع الصين من خلال القمم الثلاث التي أجراها الرئيس الصيني شي جينبينغ في سبتمبر من عام 2022 في الرياض والتي تضمّنت قمة صينية سعودية، وقمة صينية خليجية، وقمة صينية عربية.

 

لم يكتف ولي العهد السعودي بالعمل على تمتين أواصر العلاقة مع بكين، بل ذهب بعيدًا في مناكفة واشنطن ليقف إلى جانب موسكو في قرارات مجموعة “أوبك بلاس” لاسيما في رفضه طلبًا أميركيا بتخفيض كميات الإنتاج لبرميل النفط بهدف خفض السعر عالميًا، الأمر الذي يضعف من قدرة موسكو على تمويل حربها في أوكرانيا.

 

يعمل الأمير محمد بن سلمان على الإمساك مجددًا في القضايا العربية من البوابة اللبنانية، بعدما كانت الرياض قد أخذت قرار الترقّب والتريّث. بدت لافتة العودة السعودية إلى لبنان من الناحية الاقتصادية، بتوقيع مذكرة تعاون مشترك الإثنين 1 يوليو الجاري، بين الحكومة اللبنانية وبين “مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية” و”الهيئة العليا للإغاثة”، خلال حفل أقيم في السرايا بدعوة من السفير السعودي وليد بخاري.

 

أقدمت جامعة الدول العربية بدفعٍ من المملكة على لعب دور ما في الساحة اللبنانية، لا يمكن أن يتمّ بعيدًا عن العلاقة الإيجابية مع حزب الله، على عكس ما كان عليه الواقع في السنوات الماضية، بعد أن تركت الساحة لتقوم العديد من الجهات الإقليمية والدولية بملء الفراغ الناشئ عن الغياب العربي.

 

اختارت المملكة ومعها الدول العربية لغة التهدئة مع إيران ووكلائها في المنطقة، لهذا ذهبت بعيدًا في قراراتها وأبعد من المتوقع حيث تسعى لفرض تسويات جديدة في المنطقة وسط حرب إسرائيلية همجية لا أفق لنهايتها في المنظور القريب. فالمرحلة بالنسبة إلى ولي العهد السعودي تتطلّب “ربط النزاع” علّها تتجلى صورة الانتخابات الرئاسية الأميركية، ويتحدّد مصير التوترات الدولية التي تتأرجح بين التصعيد والتهدئة.

 

لا شكّ أن هناك أسبابًا رئيسية وراء التراجع العربي عن تصنيف الحزب كمنظمة إرهابية، ومرتبطة بشكل خاص بالعلاقة بين المملكة وإيران التي دخلت حيّز التنفيذ الدبلوماسي بمباركة صينية، الأمر الذي فرض هدوءًا أمنيًا تحديدًا على الحدود مع اليمن.

 

بين البيان والتوضيح لزكي، تتأكد قدرة ولي العهد السعودي على المناورة في السياسة الخارجية، وعلى ضبط جنون رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأخذ المنطقة إلى حربٍ واسعةٍ في رسالةٍ واضحةٍ من العرب بأن إيران لن تكون عدوةً في هذه المرحلة، التي يجب أن تغلب عليها التسويات لا لغة الحرب كما يريدها نتنياهو.