ما قام به القائد عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي؛ نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي والمتمثل بإستقبال وعقد لقاء مع مشايخ ووجهاء صعدة؛ والذين قدموا إلى العاصمة الجنوبية عدن؛ والترحيب بهم والإستماع لهم والتحدث معهم بوضوح وشفافية؛ وعلى ذلك النحو الذي أعلن عنه إعلاميًا؛ لأمر مرحب به تمامًا ويمثل عملًا سياسيًا نوعيًا وبإمتياز.
وينسجم ذلك تمامًا مع الموقف المعلن للانتقالي منذ تأسيسه بشأن دعمه وتأييده لكل من يناهض ويقاوم الحركة الحوثية التي فرضت سيطرتها على الشمال؛ ومازالت تسيطر عليه وبشكل شبه كلي؛ وأعتدت على الجنوب وأجتاحته بغزوها الهمجي الإجرامي عام ٢٠١٥م بالشراكة مع قوات عفاش وأجهزته الأمنية الإجرامية؛ قبل أن يتمكن الجنوب ومقاومته الباسله من هزيمتها وتطهير الجنوب منها؛ بإستثناء وادي حضرموت والمهرة ومديرية مكيراس بمحافظة أبين.
ومع ذلك فإننا نرى بأن يقوم مثل هذا التأييد والدعم لأي جهات تتولى المقاومة في نطاق جغرافية الشمال؛ على أسس وقواعد حذرة وإستراتيجية واضحة؛ ولعل من بينها وأهمها :
١ — وجود فعلي ومنظم لتلك المقاومات في مناطقها؛ ولها حضورها المقاوم في ميادين المواجهة مع المليشيات الحوثية عسكريًا وبكل الأشكال المتاحة الأخرى.
٢ — أن تكون لها قيادات ميدانية فعليه ولا تدار عبر وكلاء أو وجاهات إجتماعية نافذة في تلك المناطق يمكن شراء مواقفها بالمال؛ أو بالتفاهم الذي يؤمن لها بعض المصالح وإستمالتها لصالح المليشيات وضمن صفقات تقليدية مألوفة يعرفها الجميع.
٣ — أن يتم ذلك بالتفاهم والتعاون والتنسيق مع القوى الوطنية المنظمة والفاعلة في تلك المناطق والمحافظات ولا علاقة لها بالتآمر على الجنوب.
ولأن الانتقالي ليس دولة ولا يملك مقوماتها وإمكانياتها؛ فإن دعمه ينبغي أن يكون دعمًا سياسيًا وإعلاميًا وأخلاقيًا بدرجة رئيسية؛ وأن تتولى قيادة الشرعية وحكومتها القيام بمسؤوليتها وبواجبها في دعم وإسناد كل أشكال المقاومة في جبهات الشمال إن كانت جادة في تحرير الشمال والعودة لحكم صنعاء وليس البقاء في عدن ولأهداف سياسية خبيثة؛ فالجنوب ليس معنيًا بتحرير الشمال ولن ينوب عنها؛ لأن دوره يتمثل أساسًا بصد هجمات المليشيات الحوثية وهزيمتها على حدوده؛ ومواجهة إرهابها وحلفائها وعدوانهم المستمر عليه ودون توقف رغم الهدن المعلنة.
ولأن تجربة عام ١٩٩٤م ما زالت ماثلة في الأذهان؛ حين تقاطرت وفود القبائل ومشايخها إلى عدن وبشكل شبه يومي للحصول على الدعم من مال وسلاح؛ لمقاومة حكم ( بيت الأحمر ) كما كان يوصف نظام صنعاء حينها؛ ولمساندة الجنوب وقيادته في التصدي لأي غدر أو عدوان عليه؛ ولكن كانت النتيجة العملية على عكس ذلك تمامًا؛ بعد أن أن تم إعلان الحرب على الجنوب والإعتداء عليه؛ حيث تبخرت كل تلك الوعود؛ ووقف المشايخ ومعهم قبائلهم تلك التي زارت عدن وتمولت بالمال والسلاح إلى جانب ( بيت الأحمر ) وضد الجنوب؛ لذلك الحذر ثم الحذر من الوقوع في نفس الخطأ مرة أخرى.