لا تهْن ولا تحزن يا أنس فلست سببا، باستشهاد والدك الجليل، بل أنت سبب في جعله يستشهد وهو فخور بك وبرسالتك، وبعنفوانك وصبرك، استشهد وهو يحمل في قلبه شوقا لك يضاهي الدنيا، لكنك قبّلت روحه ورأسه وجبينه، وتمكنت ان تحتضن ذكرياتك وتربيتك الحقّة التي اُنشئت عليها، فلا تقل أنك سبب على الإطلاق..
انتم مستهدفون، والاحتلال البغيض الشرس، يستهدف روحكم المعنوية، يريد أن يزرع فيكم القهر والدموع، ووجع الفقدان، يريدكم أن تيأسوا بغياب من تحبون، وأن تخافوا مما يهدد وتتقاعسوا عن أداء رسالتكم المعجونة بالإيمان والضمير الحي، يريدكم أن تكونوا أرقاما، وأنتم تثبتون كل لحظة أنكم من تكتبون الرقم والخبر والمشهد، وتصلون صلاة الجنازة على ذويكم، وتلملمون جراحكم بكبرياء وتمسكون الميكرفون ولا تبالون الاّ بالله والوطن..
في بلاد تسمى... (فلسطين)؛ يبكي الأطفال لأسباب أخرى!!.
بل يصرخون من قهر حين يرون آبائهم أو أمهاتهم أو أخواتهم وأخوانهم بل ربّما العائلة بأكملها وقد أصبحوا أشلاء تحت ركام منزلهم الذي قصفته طائرات من صنع العالم (المتمدين... المتطوّر... من يلبسون لباس الانسانية وهي منهم براء). هذه الطائرات تقصف..(تمارس اللعب) بترتيب مملّ عن قصد وعمد صفوف المنازل المأهولة في تلك الديار. يحرثونها حرثًا يساوونها بالأرض، يقتلون كل ما فيها من أحياء.. من حياة عن سابق عمد وإصرار بل. في منتهى الغبطة والسرور والسعادة. ينتزعون يدمرون الحياة عمدًا وقصدًا والقوم هناك في العالم البعيد...نيام..
الحضارة الغربية اليوم بسلوكها المتعجرف أمام الشعوب الضعيفة ونهب ثرواتها، كما يحدث في أفريقيا على سبيل المثال لا الحصر، تنطبق عليهم الآية الكريمة «يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار» الحشر: 2.إلى أين تسير تلك الحضارة المادية؟ هل هي تسير من أجل إسعاد شعوبها؟ هل هي تسير لإرضاء شهوات زعمائهــا في السيطرة؟ هل أخذت الحضارة المعاصرة العبرة من الأمم السابقة؟ هل ستبقى تلك الحضارة المتقدمة ماديا، وليس معنويا، مستمرة ومتماسكة أم ستجري عليها سنة الله في أرضه؟
*- د . علوي عمر بن فريد