23 مايو يوما يتكرر كل عام لكنه يربطني بذكرى اليمة محزنة ، ففي مثل هذا اليوم من سنوات ثمان ترجّل شهيدا ولدي "سعيد محمد الدويل" في مواجهة جحافل الغزاة الحوثوعفاشية التي اجتاحت محافظات الجنوب العربي ومحافظة شبوة في طليعتها
ان رحيل عزيز غالٍ يخلق فجوة في النفس لا يردمها الزمن انما يبلسمها الصبر والاحتساب ، فكل نفسٍ ذائقة الموت لكن مشاعرنا البشرية غالب فيها الحزن لكنه حزن فقد واشتياق لا تبرم واعتراض
يقتحم المصيبة النفوس قاسية بصدمتها فتنضغط المشاعر لحظة ان نفقد عزيزا ، فتحترق المشاعر بالفقد لكنها تألفه وتتعايش معه ، فمن نعم الله ان حرارة المصيبة ولذعتها يمتصها الزمن ، فنذرف الدموع مهما كابرنا ان نخفيها ونحن نعلم عدم جدواها لكنها نفثات نفسٍ تتهالك فتنهمر دموعها علها تطفي ما يحرق الفؤاد من لظى يتوقد بين الضلوع وتظل (انا الله وانا لله راجعون) بلسم تضميد الجرح ونزيف الفراق وجبر المصاب ومع ذلك يظل شريط الذكريات يمر بكل تفاصيله وحرقته يستثير احزان تستوطن الاعماق .. كم ضحكنا معا ..كم عانينا كم فرحنا كم وكم وكم ...
ما اقسى الرحيل الموجع ومع قسوته تستوطن عليه النفس وتالفه ويدور دولاب الحياة التي تملا فراغ العزير بكلياتها الكبيرة وتفاصيلها الصغيرة
هكذا حالي خلال ثمان سنون مع فراق ذاك الابن الغالي ، ظننت انني أني لن اتكئ على غيره فخياله ظل ملازما لي لكنه صدى لا يرد نداء ، رحل شهيدا ورحل معه آلالاف من شهداء الجنوب لصد الغزو الحوثعفاشي عام 2015 ولم يدُر بخلدهم ان دماءهم التي أُرِيقت دفاعا عن وطنهم ستكون في سياق مصالح عليا لايهمها الا مصالحها لكن عزاءهم ان لهم رفاق سائرون على الدرب لن يفرطوا في تلك الدماء ولن يقبلوا ان تكون مساومة في سوق النخاسة السياسية
رحل ورحلوا وهم جزء من هذه الارض وآمال شعبها واهدافه في الانعتاق من اليمننة بكل سياقاتها
ما يحزّ في النفس انه استشهد مديونا لتمويل المعركة والقليل ممن لديهم القدرة على الوفاء التفتوا بقضاء بعض الديون لكن اغلبها مازال مسؤولية والده الذي اجتمعت عليها مصيبتين : مصاب فقدان ابنه ثم ديون معركة مازالت تطارده !!!
اللهم فالق الحبة وبارئ النسمة أنر قبور من ضمتهم اللحود وارحمهم برحمتك التي وسعت كل شيء
23 مايو 2023م