من الواضح لكل مهتم بالشأن اليمني أن (الشرعية) بدأت تهترئ وتتمزق وأن التحالف لايمكنه الاستمرار إلى مالانهاية في التمسك بشرعية تنبعث منها روائح الفساد النتنة واستثمار الحرب للإثراء غير المشروع على حسابه.
ولا يخفى على الجميع ضخامة الفساد الشرعي على مدى سنوات الحرب الثمان، وهذا الوضع انعكس حتى على تأييد وتحالف القوى الشعبية المحلية الفاعلة مع (الشرعية) بعد أن بانت مساوئها وسوآتها قرابة عقد من الزمان.
كان التحالف في الماضي يتمسك بها ويدعمها من
أجل (محاربة إيران وادواتها في اليمن) كما بدأ لنا ظاهرياً كشعب مزقته الحروب العبثية التي جلبت له الويلات وليس لنا فهم في سياسات الدول وكيفية محافظتها على مصالحها ومصالح حلفائها في المنطقة.
إن كلمة(الشرعية) في وسائل الإعلام والمراسلات الخارجية وحتى إستقبال الوفود لن تعيد الهاربين إلى صنعاء ولن تقضي على حكومة الأمر الواقع في صنعاء، إنما هي شعار يستخدم لتمرير وتنفيذ اجندات إقليمية ودولية على حسابنا وفي ارضنا التي استخدموها ميداناً لتصفية حساباتهم .
هكذا يبدو لنا المشهد من خلال قراءة واقع ومستقبل (الشرعية) في البلاد.
التحالف وخاصة السعودية يبدو أنها قد بدأت فعلاً تفكر في كيفية التعامل مع الأمر الواقع في صنعاء ولايهمها جماعة يسكنون فندق في الرياض بإسم (الشرعية)، ستتخلص منهم كما تخلصت ممن سبقوهم من ملوك وامراء وسلاطين سابقين طردوا من اليمن في اوقات ماضية، ستمنحهم اقامات ورواتب مؤقته وسينتهي بهم المطاف مثل من سبقهم.
لايمكن لدول الجوار ان تظل تراهن على حصان خاسر بإسم (الشرعية) لأن الشرعية الحقيقية تكتسب من واقع الممارسة للسيادة على كل شبر من البلاد وليس من مسمى لم يعد له ذكر على الواقع.
في الطرف الآخر في صنعاء (التمرد الحوثي) الذي أصبح حكومة أمر واقع في وثائق الأمم المتحدة الرسمية بينما تضمحل (الشرعية) وبدأت تختفي تدريجياً في تلك السجلات، لأن الأمر الواقع يقوضها وينهي وجودها.
ومن ذكاء الحوثي انه احتفظ بإسم الجمهورية ليضمن في المستقبل اعتراف العالم به حكومة شرعية حتى وإن كانت الممارسة على أرض الواقع تؤكد ان النظام في صنعاء لم يعد جمهورياً وإنما امامياً في صورة جمهورية.
هذا الذكاء دفع العالم إلى الإقتراب من إعلان الإعتراف الرسمي بشرعية حكومة صنعاء(الحوثية)، وهاهي الوفود السرية والمفاوضات العلنية تؤكد ذلك وفي اكثر من مكان.
قد يبدو هذا المقال تشاؤميا في نظر البعض ممن لا يزالون متمسكين (بالشرعية) اما كراهة للحوثي أو حفاظا على مصلحة شخصية لكن الحقيقة مُرة لأن الأمور أصبحت واضحة وكشفتها سنين الحرب العجاف.
هذا وضع ال(شرعية) وواقعها فكيف سيكون وضعنا نحن في الجنوب؟
للإجابة على هذا السؤال لابد من فهم أمرين مهمين:
الأول - كيف حالنا داخلياً وماهي امكاناتنا التي نستند عليها عندما تعلن وفاة (الشرعية) رسمياً؟
الثاني - ماهو موقف التحالف والجوار من الجنوب؟ هل سيدعم مشروع فك الارتباط مع الشمال أم سيسلم الجنوب من جديد لصنعاء؟
اذا فهمنا هذه الأمور فهماً جيداً سنعرف وضعنا المستقبلي في الجنوب.
عبدالله سعيد القروة
24 نوفمبر 2022م