في وطني ضاع الشرف عند ضعاف النفوس وفقدت المبادئ وماتت الفضيلة، عندما أصبح القتل شجاعة، والرشوة مباحة، والكذب طريقة للحياة والعمالة للأجنبي شطارة، والسرقة رجولة، في زمن أصبح الكذب فيه هو اللغة الرسمية، والخيانة واقعية، ونذالة السياسيين تصرفات طبيعية، والدجل هي الطريقة المثلى لأصحاب العمائم واللحى.
على مدار التاريخ الطغاة لا يبنون وطنا ولا أناساً وطنيين، بل يصنعون منافقين وكذابين ومرائين، اليوم غابت الوطنية الحقة، وأصبح الكذب والدوران والفبركة والتظاهر بالوطنية طريقا سهلا للارتزاق.
وطني الحبيب يا هامة الأوطان والأمصار لقد ذبحوك من الوريد إلى الوريد، لقد جففوا ينابيعك بحقدهم وأحرقوا حقولك بشرورهم مصّوا دمك، وأكلوا لحمك وشحمك ولم يبقوا لك إلا الجلد والعظم، باسم الوحدة نهبوك وباسم العروبة والتاريخ شوهوك، باسم الحب قتلوك، وباعوا ترابك وهواءك وماءك وكبرياءك سرقوا حقولك الغازية والنفطية استباحوا مواردك وثرواتك في البحر والبر وتحت الأرض وفوق الأرض حتى جف الزرع والضرع.
كيف لنا أن نعبر عن محنتنا، وأملنا في الغد المتمثل في شبابنا الممتلئين حياة وغيرة ونشاط وشجاعة وعطاء وهم يموتون بين أيدينا ؟ لأن البطالة والمحسوبية والواسطة هي مفتاح كل الأبواب المغلقة في وجوههم التي شاخت وذابت من القهر والألم قبل الأوان وهم لا زالوا في عز الشباب والقوة، والحيوية، بعد أن تعذر عليهم العمل والزواج والحب وحرموا حتى من حقهم في الحلم بهذه الحقوق البسيطة.
أين أبطالك المخلصين؟ هل تحالفنا عليك يا وطني وغرقنا في صمتنا، وتركناك في مستنقع الفساد كل هذه العقود، إذن كلنا فاسدون بكذبنا بنفاقنا بصمتنا بدجلنا!!
هل كلنا سماسرة نبحث عن مصالحنا، وأخر ما نفكر به، وأخر ما نتذكره هو أنت يا وطني الجريح ؟!!
أهو الكبت السياسي أم الغضب المكتوم، أم الفساد والبطالة، أما صبر أيوب، أم افتراء المفتري، أم الفقر والعذاب، والمرض، أم هو الحرمان، أم القسوة، والظلم؟!
إن الوطن يحتاجنا لا أن نحتاجه، الوطن يبكينا ولا نبكيه وهو الذي يضمّنا بعد الموت لا أن نضمّه ميتاً بعد أن اغتالته أيادي الآثمين ممن يحملون أرقاما وطنية وجوازات سفر حمراء دبلوماسية يحملها حتى أطفالهم وسماسرتهم!!
وأخيرا نوجه لهم هذه الرسالة:
المواطن الحر تأبى كرامته أن يقف على أبوابكم متسولا أو يجلس على فتات موائدكم ..
المواطن الشريف يمقت ثرائكم من المال الحرام واللعب على أوجاعنا وأحلامنا ..
المواطن الشريف بحاجة الى كل من يخدم الوطن ويقضي على الجوع والفقر ويعمل مع الشرفاء في توفير الحد الأدنى من الصحة والتعليم والماء والكهرباء ومحاربة الغلاء والمحسوبية ...
المواطن الصالح يبحث عن الأمن والأمان وتأمين قوت عيشه البسيط بكده وعرقه وليس في حاجة الى القمح والزيت والدقيق من المنظمات الدولية التي تسرقونها ثم تبيعونها له ..
وأخيرا يقول المواطن الشريف لمحدثي النعمة وتجار السياسة المسكونين بالأزمات والحروب كفاكم عبثا وتلاعبا بالعملة وغسيل الأموال والسرقة والنهب والأيام دول وغدا لناظره قريب !!
د . علوي عمر بن فريد