أعترف أننا شعب عاطفي طيب القلب نقي السريرة يصدق كل ما كان يسمعه ويصفق ويهتف منذ أواخر الخمسينات لخطابات الرئيس عبدالناصر والشعارات القومية والوحدة العربية !!
شعب الجنوب لا يقرأ التاريخ وإذا قرأ لا يتفكر ولا يتدبر في صفحات الزمن والصراعات والحروب التي شنت على أرض "الجنوب العربي " منذ عهد كرب ال وتر والدويلات التي قامت في اليمن مرورا بعهد الأئمة وحتى حرب عام 1994م و قامت كلها من أجل اخضاعه وكسر ارادته ولكنها فشلت في تطويعه والسبب الرئيسي في ذلك كله هو التمسك بهويته الجنوبية التي حسمت كل الصراعات التاريخية رغم تشرذمه الى امارات وسلطنات عديدة الا أن توحده وتلاحمه خلف هويته ومصالحه ومعاركه كلها كانت موحدة كوطن واحد ظل يرفض كل أشكال التبعية والضم والالحاق !!
ولكن ما حدث في التاريخ المعاصر يؤكد أن الوطن الجنوبي قد تمت سرقته إبان زخم القومية العربية التي سادت في عهد الرئيس عبد الناصر حين تم إدخال قادة وأعضاء أحزاب اليمن الهاربين من ظلم الأئمة في مفاصل الدولة في الجنوب حتى أحكموا سيطرتهم عليها ومن ثم بدأوا في اشعال الفتن بين الجنوبيين أنفسهم وتمكنوا من اغتيال الكوادر الجنوبية
كما قاموا بطرد الكفاءات العدنية من وظائفهم وبلغت تلك الصراعات الجنوبية-الجنوبية ذروتها عام 1986 بمذبحة 13 يناير الشهيرة التي دمرت الجنوب وهي في المحصلة النهائية صراع بين هوية الجنوب والهوية اليمنية التي بدأت برفض الجبهة القومية تسمية الجنوب باسمه الحقيقي "الجنوب العربي" وحين عارض الرئيس قحطان وانتبه أن الانحناء كل مرة لعاصفة اليمننة خطر عليه، تم إقصاؤه من الحكم وسجن حتى مات مقهورا في السجن كما تم اعدام ابن عمه فيصل عبد اللطيف فورا لأنه كان الأكثر تأثيرا ودهاء في التنظيم ، وتكرر نفس الغدر مع سالمين حين أدرك أن اتجاه الجنوب يخالف المحيط وكان تيار اليمننة (اليساري) أقوى منه فاقتلعوه!!
وعندما صعد نجم الرئيس علي ناصر وباتت الأوضاع السياسية والاقتصادية تتحسن تدريجيا في عهده دقوا اسفين الخلافات بينه وبين البيض و استمر هذا المد يتصاعد ولم يستطع مواجهة غالبية أعضاء المكتب السياسي واللجنة المركزية الشماليين بفضل تنامي تيار اليمننة !!
و الواقع أن الصراعات في الجنوب كانت بسبب إدخال هوية لا يقبلها شعبه الجنوبي العربي الأصيل، ولم تكن لأجل السلطة أو صراعات مناطقية رغم أنهم ألبسوها ذلك الرداء القبيح من أجل تدمير الدولة والكيان الجنوبي.
د. علوي عمر بن فريد