أطلعتُ على كلامك الجريء الذي قلت فيه : (كيف اقتنع البعض ان استقلال الجنوب ممكنًا في ظل العمل مع قوى وأحزاب وجماعات اجتاحت الجنوب بالدبابات ولازالت تحمل شعار الوحدة او الموت ؟) .
- يا عزيزي ،النتائج محكومة دوما بالأسباب,.. فالحِسبة غلط من أولها، أي منذ اليوم الأول للشراكة الجنوبية بهذه الحرب ( شراكة معصوبي العين) شراكة دون شروط او قل دون مطالب جنوبية أو تعهدات من التحالف بحل القضية الجنوبية أو حتى مجرد تعهد شفوي أو شخطة وجه من طويل العُـمر بإدراجها بأجندة أية تسوية سياسية تتسق مع متغيرات الخارطة السياسية التي ستفضي اليها هذه الحرب وتتناسب مع ما قدمه الجنوب من تضحيات جسام. وكذلك الخطأ بل قل الخطيئة بالشراكة بمناصب هلامية في حكومة ما بعد 2015م عل حساب الخطاب الجنوبي التحرري الذي أوشك حينها على الاضمحلال، لولا غباء تلك السلطة وقرارتها النزقة ومجاهرتها بالتنكر للدور الجنوبي بهذه الحرب.
بل أن التحالف -ومعه السلطة الموالية له – ما يزال حتى هذه اللحظة يتحدث عن أن الحل باليمن سينبثق من رحم المرجعيات الثلاث: ( المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار وقرار مجلس الأمن2216), والتي جميها لم تأت على ذِكر للقضية الجنوبية لا من قريب ولا من بعيد.وبالتالي فالتمنع عن الشراكة بالحكومة القادمة فات عليه الوقت– فقد سبق السيف العذل- ، خصوصا وأن الانتقالي قد وقّــعَ على اتفاق الرياض وعلى الموافقة في الانخراط بالحكومة التي ستنبثق عنه، وأي تراجع لن يعني له سوى مزيدا من تأليب الخارج والداخل بوجه الانتقالي بل بوجه القضية الجنوبية برمتها. فهي أي هذه الشراكة بهذه الحكومة بالإضافة الى انها نتيجة متوقعة لتبعات القرار العشوائي بالمشاركة بهذه الحرب فأن البديل عنها سيكون مزيدا من التخبط السياسي للقضية الجنوبية، وفرصة سانحة لخصوم الجنوب لاستبعاده من أية مشاورات قادمة ،سيما والموقف السعودي حياله لا يبشّــر بخير أبداً مما سيعني التنصل من اتفاق الرياض ومن المشاركة بالحكومة فرصة سانحة لهذا المواقف السعودي بالإجهاز على القضية الجنوبية بعد أن قضى منها وطره، ومبررا للمملكة ولسفيرها بالانحياز والدعم أكثر وأكثر للطرف الذي يقف على تخوم عدن لغزوها ثانية، ومبرر سعودي لإتمام الصفقات الخطيرة التي تطبخ على نار هادئة في مذبح اقتسام الغنائم والمصالح في الجنوب أرضا وثروة وهوية وتاريخ .
إذنّ لن يكون الحل للخروج من هذه الدوامة ومن هذه التوريطات بالخروج المباشر والمتسرع وبالخطاب الصدامي المنفعل.. بالفعل لا بالانفعال،.. بالبحث عما يمكن الظفر به من مكاسب - إن كان ثمة مكاسب يمكن كسبها – وبتوسيع قُــطر دائرة التحالفات داخليا وخارجيا ومزيدا من الانفتاح على الآخر ، ومن ثم التحلل من كل هذه الأغلال ،ومن تبعات القرارات الخاطئة شيئا فشئيا بالوقت المناسب وبجعل هدف حل القضية الجنوبية حلا عادلا نصب أعين الجميع.
وفي الأخير وبرغم التباين بالرأي بيننا حيال هذا الأمر لا يسعنا سوى أن نحيي وتكبّــر فيك اخ هاني شجاعتك وجرأتك بإثارة مثل هكذا مواضيع غاية بالأهمية غير آبه بأي عتب أو تقريع من أحد.
تحيـــة..