صارت المساجد كثيرة وكثير جداً وبكل حارة أو شارع عدد من المساجد لكن المخرجات التي تفيد المجتمع وتساهم في الحد من الظواهر السلبية ضعيفة جداً بل معدومة ان لم تكن سلبية، على العكس انتشرت المخدرات، وانتشر الفساد، وضاع الشباب .
للأسف السنوات الماضية كان معظم القائمين على المساجد التي لهم ميول حزبية وسياسية يفكر كيف يكسب فئة المراهقين والأطفال لتعبئتهم وفق ما يريد حزبه او جمعيته او من يموله، لا ما يريد المجتمع والأمة، وكان التنافس بين القائمين على المساجد من يكسب اكثر من الشباب والمراهقين وكأن نحن في انتخابات، وهذا هو الشي الذي افقد المسجد دوره الريادي في اصلاح المجتمع .
وحتى السلفيين الذين احترمهم جداً واحترم افكارهم كان لهم دورهم سلبي ولم يستطيعوا الخروج من الدائرة المحيطة بهم ولا يوجد لهم اي تأثير في المجتمع غير مشاركتهم في الحرب الاخيرة ضد الحوثي، واقصد المشاركة المجتمعية في اصلاح الشباب من الانحراف، اضافة الى ان اسلوبهم منفر جداً لفئة الشباب والمراهقين بعكس الجماعات الاخرى التي تعتمد بشكل كبير على تجنيد هذه الفئة ويستخدمون اساليب تناسبهم .
أتكلم عن ظاهرة صارت ملموسة والكل يشعر بها، والانتقاد هو أساس الإصلاح والتقويم والمراجعة حتى لا نكرر الأخطاء في المجتمع ونفقد أجيال أخرى .
نحن مع ان يكون للمسجد دور كبير في تربية الأجيال وتحفيظ القرآن الكريم، وتهذيب سلوك الشباب، ولكن وفق ضوابط ومناهج تشرف عليها وزارة التربية والتعليم، لا الأحزاب السياسية والجمعيات التي تفكر في الأخير كيف الوصول الى السلطة وان كان على حساب هؤلاء الشباب .
اكتب هذا المقال وانا احد الذين اثرت عليهم التناقضات الكبيرة التي عشناها بعد عام 1990، وبعد ان تحولت المساجد الى بؤر صراع وتنازع وعراك، كنت شاهد عليها ووقتها لا ادري لماذا يحدث كل ذلك الصراع، وكانت العاطفة والكلام المعسول هي من تقودنا، حتى علمتنا الحياة وفهمتنا وعرفنا كلاً على حقيقته .
كنا نسمع من شخصيات بذلك الوقت يتحدثون عن حرمة الديمقراطية، والمشاركة السياسية، وحتى لبس البنطال، وفجأه صاروا مشاركين في العملية السياسية وينتخبون ويلبسون البدلات .
طيب هذا المراهق الذي حرمتموه وقتها من أشياء كثيرة كان يرغب بها بحكم سنه، كيف سينظر اليكم اليوم، وماذا سيقول لأولاده عنكم وهل يسمح لهم يكرروا تجربته معكم ؟
المسجد كان له دور ريادي على مر التاريخ في التقويم والتهذيب، وحتى فترة حكم الاشتراكي للجنوب، وهي الفترة التي شهدت مضايقات كثيرة لرجال الدين، ظلت هذه المساجد تؤدي دور مهم في حفظ تعاليم الدين وتغرس في الأجيال ما حاول البعض طمسه وتغييره بغباء وجهل ندفع ثمنه باهضاً اليوم .
في طفولتي كنت اذهب مع والدي الى المسجد وهذا كان قبل عام 1990 صحيح كان مسجد واحد في المنطقة الكبيرة، لكن كان هناك صلاة واستغفار وذكر .. عباده وبس، لا استقطاب سياسي ولا حزبي، وكان التأثير في سلوك الأطفال والمراهقين إيجابي من خلال ترديد الاستغفار بصوت مرتفع، وكذلك الأناشيد
والأمسيات الدينية التي تقام برمضان، والأهم الروح الطيبة للقائمين على هذه المساجد .
وبعد عام 1990 تحولت المساجد الى نقطة صراع وتجاذب بل وصل الى عراك بالأيدي والأرجل داخل المساجد دون أي اعتبار لحرمتها وكنا شاهدين على ذلك ونعارك معهم ولا ندري ايش الموضوع، وهذا للأسف كان له دور سلبي في انحراف الشباب وعدم ثقتهم برجال الدين والمساجد .
آن الأوان للمراجعة والتقييم حتى يعود الدين لله، وتعود للمساجد ريادتها في اصلاح المجتمعات، ويقبل الشباب عليها ويتم الحفاظ عليهم من الانحراف والانجرار خلف الفوضى والأفكار الهدامة .
بالمختصر اعيدوا للمساجد مكانتها وعندها ستعود للأمة مكانتها التي تستحقها .
#ياسر_اليافعي