هذه مصر التي نعرفها

2020-07-23 04:28

 

يعاتب المزايدون والمتنطعون الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ومعه البرلمان المصري لسبب اتخاذهما قرار ارسال قوات مصرية إلى ليبيا تلبية لطلب البرلمان الليبي وفئات كثيرة من الشعب الليبي، لكنهم لا يلومون الحركات  الجهادية الإسلامية المهيمنة على حكومة السراج في طرابلس التي أدخلت الجيش التركي ومرتزقته المستوردين من شتى يقاع العالم، لتحول ليبيا إلى معسكر كبير للمرتزقة والإرهابيين متعددي الهويات والجنسيات.

بالأمس سمعت كلاما عجيبا لأحد الذين يقدمون أنفسهم كمحللين سياسيين وهو يدعو السلطات المصرية إلى التعايش مع حكومة الوفاق، ويتساءل: لماذا لا يتصل الرئيس السياسي بفائز السراج أو برجب طيب أردوجان؟ متناسيا أن أردوجان لم يدخل إلى ليبيا لتوزيع الهدايا ولعب الأطفال على أبناء ليبيا وإنما دخل لأهداف شتى من أهمها مواجهة الشعب المصري انتقاماً من ثورته على الحركة الإخوانية وإسقاط سلطتها.

السطحيون والمتنطعون يتهمون جمهورية مصر  العربية ومعها دولة الإمارات بأنهما من يؤجج الأوضاع في ليبيا، لكنهم يتجاهلون حقيقة أن الرئيس السيسي كان قد بذل جهودا مكثفة ومتواصلة من أجل رأب الصدع الليبي ودعا اللواء خليفة حفتر وفائز السراج أكثر من مرة وجمعهما في مصر ومثله فعل الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي، لكن السراج كان يرنو إلى اسطنبول وجاءت أكذوبة الحدود البحرية الليبية التركية لتغطية النهم التركي لزراعة بذور الإرهاب في شمال أفريقيا باتجاه تهديد الأمن والاستقرار لمصر وبقية دول الشمال الأفريقي.

عندما قال الرئيس السيسي أن تجاوز خط  سرت - الجفرة خط أحمر لم يكن يمزح، لأنه يعلم أن وصول الأتراك ومعهم كل الجماعات الإرهابية وفي مقدمتها إخوان مصر المتلهفون لمعاقبة الشعب المصري، وصول هؤلاء إلى هذا الخط سيعني التقدم شرقا باتجاه الحدود المصرية، وعندما يكون الجيش التركي على بوابة مصر وفي ظل قيادة تركية تعلن جهراً العداء لمصر ومشروعها المدني ومستقبلها السياسي، قيادة متعطشة للحروب والعدوان والتوسع شرقا وغربا ونشر الإرهاب والإرهابيين حيثما حضرت قواتها، فإن التدخل المصري في ليبيا يبدو أكثر من مبرر.

مصر لم تكن معتديةً لكنها لا يمكن أن تقف متفرجةً وهي ترى وتسمع خصومها يتجمعون عند بوابتها الغربية ويحشدون الحشود ويعلنون الحرب من على قنواتهم الفضائية وعلى ألسنة قادتهم السياسيين المدعومين بالجماعات الإرهابية.

من حق مصر أن تدافع عن حدودها وسيادة أرضها وأمنها واستقرارها، ومن حقها أن تستجيب لمن يطلب دعمها ونجدتها، أما تركيا التي جمعت كل مرتزقة وإرهابيي العالم وأدخلتهم إلى سوريا وأفرغت الثورة السورية من أهدافها ومضامينها الوطنية، وساهمت في تدمير سوريا، فما ذهابها غربا باتجاه ليبيا ومصر إلا لتكرار تجربة سوريا الخائبة في ليبيا ومن بعدها في مصر، لكنها هذه المرة ستخسأ لأنها أمام شعب وبلد ودولة تتكئ على خمسة آلاف سنة من الحضارة والسياسة والدبلوماسية والدفاع عن السيادة ورد العدوان.

تلك هي مصر التي عرفناها وأحببناها ونعرفها وسنقف معها في وجه الإرهاب والتنظيمات الإرهابية والمتأدلجة ومن يرعاها ويدعمها ويحاول إعادتها إلى مصر مرةً أخرى بعد أن لفظها الشعب المصري.