هل يحاول الرئيس التركي اردوغان اليوم استدعاء التاريخ من جديد وهو لم يكلف نفسه حتى بقراءة ما قام به أجداده الأتراك العثمانيون من مظالم في أرجاء الوطن العربي خلال قرن من الزمان ؟؟
وهل هو يتجاهل أو يجهل ما عاناه الأتراك في مختلف البلاد العربية من ردود أفعال لما قاموا به من مظالم بحق العرب ؟؟؟
وهل يريد إعادة كتابة التاريخ بطريقة سفر برلك ؟؟!!
وهي الكلمة التركية التي دخلت المخيال الشعبي ولشدة فظاعة هذه الكلمة، وما تعنيه من قتل وتهجير وأوبئة ومجاعات، فأتبعها أهالي دمشق ـ وعلى سبيل التطير، بعبارة “تنذكر وما تنعاد”، وأطلق البغداديون عليها “أيام الضيم والهلاك”، أما في مصر فيكفي أن تذكر حملة ترعة السويس، حتى تقشعر الأبدان، ويتعوذ الناس بخالقهم من فظائع تلك الأيام الدامية!!.
وفي المدينة المنورة بالجزيرة العربية، ما زالت كلمة ”سفر برلك“ تختبئ في الأنفس والذكريات القاسية التي عانتها بيوت وطرقات المدينة المنورة حتى الآن كما يقول الكاتب السعودي محمد الساعد!ّ!.
وليس عند العرب وحدهم، تحيل كلمة “سفر برلك” إلى الوجع والتشرد والويلات، بل لدى شعوب وقوميات أخرى، عانت من ظلم الأتراك العثمانيين مثل الأرمن وشعوب البلقان، والأكراد، حيث يوضح الباحث كمال مظهر أحمد بقوله “حتى إن كلمة سفر برلك، التي تعني في اللغة التركية النفير العام، دخلت اللغة الكردية منذ تلك الأيام وغدت مصطلحا يستخدم حتى اليوم للدلالة على الحظ السيئ والسفر المشئوم الذي لا رجعة منه !!
“سفر برلك” كلمة مرادفة لكل ما رافق الحرب العالمية الأولى من بشاعة، وزاد عليها جبروت الأتراك العثمانيين وتسلطهم، إذ كان يُزج بخيرة شبان البلاد العربية في حروب خارج أوطانهم وإراداتهم فمن لم يمت بالبارود، قضى من الجوع والبرد والأوبئة. ومن حالفه الحظ وتمكّن من العودة، برفقة عاهة جسدية أو نفسية تذكره بحرب خاسرة فرضت عليه من قبل قادة قساة وأجلاف، يحاولون إنقاذ “الرجل المريض“، الإمبراطورية التي بنيت على الدماء والأشلاء والتهجير والاغتصابات، فسارع الغرب الأوروبي إلى الإجهاز عليها مستفيدا من نقمة العرب وباقي الأقليات التي عانت من قسوة الأتراك العثمانيين.!!
لقد جعلت “سفر برلك” من العرب والأتراك، عدوين لا يتصافحان إلا بعد الكثير من القدرة على النسيان. بينما الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي لا يريد النسيان، يكابر مثل "مريض تركي " !!”.
مر ما يقارب القرن أي مائة عام على “سفر برلك”، تبدلت التحالفات، ثاب الألمان إلى رشدهم، وهم حليفو الأمس، اعتذروا من الإنجليز والفرنسيين. وظل الأتراك على غيهم كما أراد لهم أن يكونوا أردوغان، في حلمه بـ”سفر برلك” جديدة تعرض الأتراك والسوريين والليبيين واليمنيين للويلات من جديد!! .
و تجعل قلوبهم أقسى من الصخر، لكن نزوعهم نحو المحبة وحسن الجوار والدين الواحد ، جعلهم ينسون كل آلام التاريخ وكوابيسه المرعبة عندما كان أجدادهم يرزحون تحت نير وجبروت التسلط التركي الذي لم يرحمهم !!
ونوجه اليوم السؤال لأردوغان الذي لا زال يحلم باستعادة دولة الخلافة العثمانية من جديد ونقول له : لماذا لا تساعد العرب اليوم على النسيان يا ساكن قصر “ييدز” الجديد؟
ولماذا تحاول استدعاء التاريخ بكل أحلامك وشطحاتك وأطماعك في ليبيا واليمن ؟؟!
ألم يعتبر أردوغان من التاريخ ؟؟ وهل نسي أن اليمن "مقبرة الغزاة"؟؟
وقد حفرت هذه المقولة في الوجدان والذاكرة التركية !!
نظراً للعدد الكبير جداً من القتلى من قوات الاحْتلَال العثماني التي كانت تأتي إلى اليمن ولا تعود.. وبلغ عدد الضحايا فيها ما يقارب ثلاثمائة ألف قتيل وهذه الأغنية تشير إلى ذلك ولا زالت أصدائها تتردد في هضاب الأناضول حتى اليوم :.
الجو ليس فيه سحب فما هذا الدخان
الحي ليس فيه ميت فما هذا الصراخ المتألم
مناطق اليمن تلك ما أقسى شدتها آهٍ
من هذه اليمن وردها عشب أخضر
الذاهب لا يأتي يا ترى ما السبب؟
ها هنا أغصان الخيزران، طريقها منحدر صعب
الذاهب لا يأتي يا ترى ما العمل؟
أمام الثكنة هناك صوت صراخ جندي
انظروا في شنطته يا ترى ماذا لديه
زوج أحذية وأيضاً هناك طربوش
آهٍ من هذه اليمن وردها عشب أخضر
الذاهب لا يأتي، يا ترى ما السبب؟
د.علوي عمر بن فريد