لا يمكن أن نستمر ، في سياسة الفساد والإرهاب ، وافشال المرافق الخدماتية ، التي تتعلق بحياة الناس اليومية ، منذ عقود طويلة ، ونحن نتحدث عن السياسة الراشدة ، التي تحقق الحرية والعدالة والمساواة ، والأمن والسلام والاستقرار والطمأنينة ، والتقدم والرقي والرفاهية والرخاء ، لجميع أبناء الجنوب العربي ، إلا أننا لم نرى لها وجود . لنا أكثر من خمسة عقود ، منذ رحيل الاستعمار البريطاني عن بلادنا ، ونحن نبني ثم نهدم ، وهكذا دواليك حتى اليوم ، ندور في حلقة مفرغة ، من الهدم والبناء ، نتحدث كثيرا ، ولكن لم نعمل شيئا ، نعشق الحديث ، ونكره العمل ونجهله . سمعنا الكثير ، من أنا سنعمل ، وسنعمل وسنعمل ، ولكن كل ذالك ، كان عبارة عن وعد عرقوب ، ها نحن ننمحق عبودية واستبداد ، وظلم وعنصرية ، وفساد وإرهاب ، وخوف ومرض ، وفقر وجهل وتخلف ، وقتل وحروب . قلنا يجب أن نحدد ، قضايانا بدقة ، ونحدد حلول هذه القضايا أيضا بدقة ، ونعمل على حل هذه القضايا ، بواسطة هذه الحلول التي حددناها ، ولكن لم يكن كلامنا هذا ، إلا صيحة في واد ، ونفخة في رماد . درنا ألف دورة ودورة ، ولفينا ألف ولفة ، مع الطرف الآخر ، من أجل الحل ، فإذا به يعيدنا ، إلى حل الوحدة أو الموت ، لذلك تيقنا أشد اليقين ، على أنّ هذه السياسة ، لا يمكن إن تذهب بنا إلى الحل ، بل إنها سياسة ، قد خاب رجاؤنا فيها ، عدة مرات ، وليس مرة واحدة ، وهي من اوصلتنا ، إلى ما نحن فيه اليوم ، من مآسي ونكبات وكوارث . ماذا نفعل ؟ هل نبقى ندور ، حول حل الوحدة أو الموت ؟ ونحرق المراحل ، ونهلك الأجيال ، هل هذا جائز أن يكون ؟ في حق شعب ، كبير بتاريخه النضالي ، الممتد في أعماق التاريخ ، أن ذلك يستوجب علينا ، أن نتحرك نحو المستقبل ، بثقافة جديدة ، لا نغفل فيها ، ثوابت ديننا الإسلامي الحنيف ، ومبادئ الديمقراطية ، وحقوق الإنسان ، من أجل إن نبني ، دولة جديدة ، بمستوى حجم بلادنا التاريخي ، وحجمها الجغرافي ، وبمستوى ثرواتها الطبيعية والبشرية ، فلنستثمر هذا كله ، في بناء دولة جديدة ، تكون عبارة عن وعاء ، يستوعب كل أبناء الجنوب العربي ، على اختلاف مشاربهم السياسية والاجتماعية والفكرية ، كدولة مدنية ديمقراطية فيدرالية .