تعقيبا على تعليق الأستاذ سالم صالح بن هارون على مقالي الأخير أقول : (الأوطان لا تموت من قسوة الحروب ، ولكنها تموت من خيانة أبنائها ، وكراهيتهم لبعضهم البعض !! )
أخي الأستاذ سالم لقد حفزني مقالك الأخير ووجدت قلمي مطواعا هذه المرة للرد فلم يخذلني رغم أنك قلت أن قلمك لم يعد يطاوعك على الكتابة لعدم وجود ما يستحق الكتابة عنه من باب أن الكتاب لم يتركوا شيئا لم يكتبوا عنه حول القضايا الماثلة على الساحة !! والحقيقة أنك محق في ذلك حيث أن الأحداث المتلاحقة والمتسارعة على مجمل الساحة في اليمن والجنوب قد صادرت أحلامنا بفعل هذه الحرب الطاحنة التي أكلت الأخضر واليابس منذ مطلع الستينيات ولم يعد سرا أننا قد أبتلينا بالبعض من بني جلدتنا وهم الذين باعوا الجنوب منذ تأسيس ما عرف ب الجبهة القومية والتي نادت مبكرا بيمننة الجنوب طمعا في السلطة منفردة !!
رغم أن اتفاقية العام 1934م التي رسمت الحدود بين اليمن والجنوب واضحة كالشمس في رابعة النهار ..وهي الحسنة الوحيدة في هذا الشأن التي تحسب لبريطانيا ولكن صبية جورج حبش ونايف حواتمه قفزوا عليها وتنكروا لها !!
ونحن لا ننكر جوار أشقائنا وروابط النسب بيننا في اليمن تاريخيا ولم نتنكر لأصولنا وهذه نقطة ضعفنا أن تسللوا إلى منظومة الحكم من هذه الزاوية خلال فترات تاريخية قصيرة بالقوة تارة والحيلة تارة أخرى واستغلوا الخلافات الجنوبية – الجنوبية حتى تمكنوا من القفز في سفينتنا وخرقوها ولم يكترثوا لروابط النسب بل وتنكروا لنا وأنكرونا !!
في حين كنا كعادتنا نفكر بعواطفنا لا بعقولنا رغم اختلافنا عنهم مذهبا بل وسلوكا ومعاملة خلافا جذريا .. إلا إننا لم نجد في أخوتنا إذا قلناها مجازا إلا غلظة وسؤ معاملة طوال مراحل تاريخية ورغم ما يربطنا بهم لم نلق إلا جحودا ونكرانا من قبلهم فهم لم يوفروا لقبا سيئا ومنكرا أو مفردة مشينة في قاموس اللغة تسيء ألينا إلا واستخدموها ...وطعنوا في أنسابنا وأصولنا وتنكروا لنا طمعا في أرضنا !! وهذا ما أكدته حقائق التاريخ والجغرافيا لمن يقرأ ويستوعب !!
وكان بالإمكان الرد عليهم في هذا الشأن ومقارعة الحجة بالحجة وسنلجم أفواههم ونسد حلوقهم ونعيدهم إلى أصولهم الحقيقية ومراجع أنسابهم الدخيلة على اليمن وأهله ولكننا لا نريد الخوض في المياه الراكدة والآسنة القذرة التي تسيء إلينا و تكون حجة علينا وليست في صالحنا .. وتأبى كرامتنا ذلك أن ندخل في سجال مع من نعتبر لهم حق الجوار ناهيك عن الأمور الأخرى التي تنكروا لنا ولها !!
ولكن مزامير داوود لا يفهمها إلا الراسخون في العلم فما بالك بناقصي العلم والفهم منا فهم من فرط جهلهم لن ولم يقرؤوا التاريخ أصلا و الكارثة الكبرى أن هؤلاء هم من استلم الحكم مناولة من بريطانيا ولم تغادر الجنوب حتى أجلستهم على كراسي الحكم وسلمتهم الجمل بما حمل ليس حبا فيهم ولكن لتدق إسفين الخلاف بين أبناء الجنوب وتركت مسمار جحا في جدار الجنوب تحركه متى شاءت مستغلة غباء أصحاب شعار ( كل الشعب قومية ) حتى أوردونا المهالك وشرب شعبنا الكأس والمر والعلقم قسرا خلال حكمهم حتى الثمالة !!
أما ما ذكرت لم يبق للكتاب شاردة ولا واردة إلا وطرحوها وكتبوا عنها فهذا صحيح فقد قالوا في الأمثال بالعامية ( لول ما خلا شيء للتالي )!!
ولكنه قدرنا أستاذي الكريم أن نظل ندير مكينة الإعلام حتى لو حفرنا رؤوسنا رغم تواضع معلوماتنا لنطلع الناس حتى على جزء من حقيقة ما يجري في بلادنا اليوم من مؤامرات وصفقات في هذه الحرب اللعينة التي تدور رحاها على أرض الوطن رغم صعوبة فهمها وفك لغزها المبهم والذي ينطبق عليه المثل القائل ( إذا قالوا قبل شفه بطن ) هذه هي السياسة لمن أراد أن يفهمها !!
أصبحت الأحزاب السياسية في اليمن على طول الساحة مجرد " دكاكين سياسية "
للتكسب وباب رزق يظل مفتوحا لا يسد يصب في جيوب
من اشتغلوا بالسياسة واحترفوها وجعلوا منها مهنة للارتزاق والتكسب حتى أصبحوا كخدم بن علوان يطبلون ويطعنون أعينهم بحرابهم لخداع من يرى سحرهم ويصدق كرامات أوليائهم ومن شكك في صدقهم أخرجوا له رؤوس الثعابين من أكياسهم البيضاء التي يحملونها على ظهورهم !!
وتبقى دكاكينهم مفتوحة لبيع وشراء القضايا الوطنية والذمم والسمسرة على كل شيء لا فرق طالما أنة هناك من يدفع !!
ويظل هؤلاء يبيعون الوهم للمواطنين البسطاء ولكل عابر سبيل فيصدقونهم .. وهم في الواقع يتكسبون من عرق المواطن نفسه ومن يصدقهم من السذج !!
وباع أصحاب الدكاكين الشعارات ذاتها للدول العربية التي شهدت ثورات الربيع العربي بما في ذلك اليمن وانتهت بتلك الدول إلى خراب مطلق وقمع أكبر ،وكانت مشكلة الشباب في اليمن الذين خرجوا في موجة الاحتجاجات أنهم كانوا يتوهمون أنهم قادرون على التغيير لمجرد الغضب ..كانوا يرسمون أحلامهم بحدود طاقة الغضب التي هي ليست أكثر من صرخة ألم في واد سحيق لا يستجيب بغير رجع الصدى الساخر في أغلب الأحيان !!
وتسلل الحوثي في زحام الفوضى ورفع شعاره المسموم " الجرعة " وصدقه السذج وأعانه السفهاء وفي ليلة وضحاها قفز إلى السلطة واستباح اليمن من صعده إلى المهرة ..وجرع الشعب اليمني بدل الجرعة الواحدة مئة جرعة واستجر التاريخ من جديد وحن الحوار لأمه وكما قال الشاعر السيد أحمد الشامي بعد سقوط الإمامة في اليمن ولجوئهم إلى المملكة العربية السعودية أرسل الشامي قصيدة للملك فيصل بن عبد العزيز يقول فيها :
قل لفيصل والقصور العوالي ..... إننا نخبة أباة أشاوس
سنعيد الإمامة للحكم يوما ..بثياب النبي أو بثوب ماركس
فإذا ما خابت الحجاز ونجد....فلنا إخوة كرام بفارس
د. علوي عمر بن فريد