كل منا يعلم إن الشرعية لم تعد مؤسسة للحكم، بل هي مؤسسة للفساد يتم من خلالها التطاول على الأموال العامة، بسرقتها وتبديدها والتكسُّب على حسابها، ومن المؤسف أن تلك القطط السمان، التي تقتات على الأموال العامة، هم مَنْ يكونون بمواقع المسؤولية، أي المؤتمنون عليها، بمعنى أن حاميها حراميها،
ومن المؤسف حقاً إن الجميع يعلم بحجم الفساد في مؤسسة الشرعية، واتخاذه سياسة رسمية لها، ونقلة من الدولة إلى المجتمع ليطال كل فرد من أفراد الأسرة، وذالك بعلم دول التحالف، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب والتنظيمات السياسية، وعامة أفراد المجتمع، مما جعل الشعب يفقد الأمل في التحالف وفي كل نخبه السياسية والاجتماعية، من حيث حل القضايا الماثلة على الساحة مما جعل الشعب يفقد الثقة بالحاضر والمستقبل .
لقد أصبحنا اليوم أمام ظواهر متعددة لنهب وسرقة الأموال العامة، بل أمام مسلك خطير يسعى إلى اقتسام البلد وتصفيته، وكأنما هو شركة انتهى الغرض من وجودها. ورغم إن هناك جهات ومؤسسات أُوكلت إليها مهمة حماية الأموال العامة والرقابة عليها، إلا أنها غدت هياكل كرتونية بلا روح، وأجهزة بلا مصداقية .
وقد شهدت العقود الثلاثة الأخيرة منذ وحدة 22 مايو 90 حتى اليوم تجرؤا متزايداً في سرقة الأموال العامة ونهبها بشكل مكشوف ومعروف، بصورة أوجدت "تضخماً لافتاً" في مبالغ السرقات وحجمها، فقد تزايدت من مئات الآلاف من الدولارات، إلى عدة ملايين، ثم لتصير مئات الملايين، حتى بلغت المليارات، وهو ما أوجد "قططاً سماناً متخمة" من حيث الحجم والكم لما نهبته من المال العام. فهل يُعقل أن يرى الناس مَنْ كانت لديهم أموال قليلة يصبحون أثرياء بمئات الملايين من الدولارات، بعد أن تقلدوا المناصب الحكومية العُليا. ونحن نعلم جميعا مَنْ هم هؤلاء، ويتم تداولهم أسمائهم في كل مكان، ولم تتم محاسبتهم أو معاقبتهم، أو تعقب وفحص سبب ثرائهم .
إن تذمر الشعب وحسرته على ما يشاهده من نهب للأموال العامة من قبل هؤلاء القطط السمان ، والعجز عن محاسبتهم ومعاقبتهم أو تعقبهم، يعزز الشعور بعدم الثقة في ملاحقة الفساد والمفسدين، وهو ما يضع دول التحالف وعلى رأسها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، أمام محك حقيقي؛ ديني وقومي ، من اجل تنظيف البلد من هؤلاء، ولاشك في أن ذلك ستكون له عواقب وخيمة على حاضر الشعب ومستقبله ما لم يتم اجتثاث هؤلاء ، ولكن لن يفلت أولئك الفاسدين والمفسدين من المحاسبة والعقاب طال الزمن أو قَصُر .