عندما ذهب الجنوبيون للوحدة مع الجمهورية العربية اليمنية يوم 22 مايو 90 ، كانوا يظنون إن تلك الوحدة قد قامت من أجل العزة والكرامة ، وصون الارض والعيش الكريم ، والاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والامني ، فكانت النتيجة الحرب على الجنوب واحتلاله ونهب ثرواته ، وضياع الارض كجزر حنيش وغيرها من الاراضي اليمنية ، واشتعال الحروب الاهلية كحروب صعدة والضالع وردفان ، وعودة العلاقات الأبوية الإقطاعية القبلية ، وموت كل المشاريع الحيوية الكبرى ، وانهيار العملة ، وانتشار الفساد ، وجعله سياسة رسمية لدولة ، وفشل الدولة ، وتم افقار المواطن وتجهيله ، وقد فشلت كل الحكومات و الأحزاب السياسية في الحفاظ على القوات المسلحة ووحدتها وتحقيق السلام ، فهل نجحت الوحدة في تطوير القوات المسلحة والحفاظ عليها ، أم أضعفتها وأنهكتها بحروب أهلية متتالية في الشمال والجنوب ، لقد تدهور الوضع الاقتصادي بصورة مزرية ، وفشلت كل السياسات الرعناء في إيقاف التدهور ، ناهيك عن تحقيق أي قدر من التنمية ، مما زاد حدة التضخم وارتفعت الأسعار بصورة لم يسبق لها مثيل ،وتدهور الاقتصاد وانهارت الخدمات وتعطل الإنتاج ، وبعد أن كنا نطمع في أن تكون بلادنا من البلدان الغنية ، المصدرة للغاز والنفط ، والمعادن الاخرى ، والاسماك ، أصبحنا بلاد متسولة ، تستجدي غذاءها وضرورياتها من خارج الحدود ، وانشغل المسئولون في هذه البلاد بجمع المال الحرام ، وعم الفساد كل مرافق الدولة ، ليصبح الفساد السياسة الرسمية لدولة . واتساءل كم كان سعر الريال السعودي قبل الوحدة وكم صار الآن ، وكم كان سعر قطعة الخبز قبل الوحدة وكم صار الآن ، وكم كان سعر كيلو اللحم قبل الوحدة وكم صار الآن ، كان الدولار قبل الوحدة يساوي ثلاثة دراهم واليوم يساوي سبعمائة وخمسون ريال ، وكان سعر الخبز نص درهم وصار اليوم بفضل الوحدة مائتين ريال وانخفض وزنه الى العُشر ، وكان سعر كيلو السمك الكنعد 3 درهم قبل الوحدة واليوم ثلاثة آلاف ريال ، وكان قبل الوحدة سعر الكيلو اللحم عشرة دراهم واليوم عشرة آلاف ريال .
أما الفساد والتسول ، فلم تجد حكومة في العالم رئيسها ورؤساء وزرائها وكل من يعمل فيها أكثر تسول ورشوة وسرقة واختلاس في التاريخ من الحكومات التي قامت بعد الوحدة .
أين الخدمة المدنية التي يعرف الجميع ماذا حدث لها ، ويتحدث اليوم الجميع عن سوءها ، أين المشاريع الكبرى التي كانت متواجدة في الجنوب قبل الوحدة وإلى أين ذهبت ؟ اين أسطول شركة طيران اليمن الديمقراطي اليمدا ؟ أين أسطول شركات النقل البري والنقل البحري ؟ أين شركة التجارة الداخلية والخارجية ؟ أين المؤسسة العامة للأسماك ؟ أين الموانئ والمطارات والبنوك ؟ اين مصانع النسيج ؟ وزيوت الطعام والصابون والعطور والطماطم والطلاء والامليشن والملابس والسجائر والكبريت ؟ وغيرها من مصانع القطاع العام والمختلط ؟ واين التنمية وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الدواء الغذاء ؟ لقد ضاع كل شيء وصرنا نستورد كل شيء بعد الوحدة .
أما بالنسبة لايرادات النفط والغاز والمعادن الثمينة الأخرى والثروة السمكية ، والتي لا احد يعلم اين تذهب ولم يستثمر منها دولار واحد في مشروع تنموي واحد يبقى للمستقبل ، وحتى تلك الشبكة من الطرقات التي يتفاخر بها فقد شُيدت بقروض لا تزال دينا على الوطن دعكم من الداخل ، ولنسأل ما هي الإنجازات في الخارج بعد الوحدة ، هل هي الديون التي فاقت مئات المليارات من الدولارات ذهبت كلها الى جيوب الفاسدين من المتنفذين سياسيا واجتماعيا وعسكريا واقتصاديا ، أم التبعية والتدخلات الإقليمية والدولية وضياع السيادة الوطنية .
ثلاثون عاما من الزمان مضت بعد الوحدة فقدت فيها البلاد كل شيء ، الجغرافيا والتاريخ والسياسة والسيادة والكرامة والاقتصاد وصارت حطام دولة ، وتحول مواطنوها الى اشباه اشباح ، فاين هي إلانجازات التي يتحدث الوحدويون عنها داخليا أو خارجيا ؟