لم يكن أحمد عوض الحني آخر ولا اول طيور الغرانيق التي هاجرت عنا ، ونحن في أمس الحاجة إليها كوطن أرضا وإنسانا ، على الأقل لنرى الأمل يطل علينا بين الحين والحين من فوق اجنحتها ، وهي تسمو فاردة جناحيها في سماءنا الصافية الزرقاء ، التي لم يلوثها الإنسان بالغازات السامة بعد ، كغاز ثاني أكسيد الكربون وغيره من الغازات السامة ، ولم تكن سماءنا الصافية الزرقاء ملوثة كارضنا هذه ، التي لوثها الانسان بالفساد والإرهاب والعنصرية والأنانية والظلم والتخلف وكل الموبقات اللاإنسانية .
أو على الأقل نرى الأمل كلحن شجي ينطلق من خلال تغاريدها التي كانت تشجونا بها مؤلفة لنا انشودة سيموفونية سفر الخلود ، التي لا يحسن انشادها أي طائر آخر كطيور الغرانيق .
لقد قاوم أحمد عوض الحني كغيره من طيور الغرانيق ، ذالك التلوث وتلك الآفات والموبقات ، ولكن كانت أدواتها أكثر انتشارا وأكثر فاعلية ، ولدى أهلها قوة المال والسلاح والدعم الدولي والإقليمي ، وقد سخروا حتى الله سبحانه وتعالى من أجل انتشار هذا التلوث ، في حين أن الله كان طاهر يحب المتطهرين .
إن طيور الغرانيق لاتموت ولكنها تهاجر ، كونها فصيل من طيور الفينيق ، تلك الطيور الاسطورية التي لا تموت حتى وإن تم احراقها ، بل تبعث من رماد محرقتها ، وتعاد اليها الحياة لاستكمال رسالتها ، والتي لم تكن إلا أعظم رسالة في التاريخ حملها إياها الله إلى العالمين .
لا يسعني في الأخير إلا أن أسأل الله العلي العظيم ، أن يسكنه فسيح جناته ، ويلهم أهله وذويه وكل من يعز عليه الصبر والسلوان ، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم وانا لله وانا اليه راجعون .