رسالة إلى الخونة!!
بعث لي صديق قصة معبرة تحاكي واقعنا وما يجري في بلادنا اليوم يقول فيها :
في اليمن قبل عام ١٩٩٠ كان لمواطن جنوبي حمار يرسله لمنطقة في اليمن ليجد هناك من يستقبله و يحمله بالبضائع الممنوع دخولها للجنوب وليعود بنفس الطريق وهكذا جرت العادة إلى أن تم القبض عليه في احد الليالي واقتادوه إلى مركز حدودي للشرطة وقامت الشرطة بإطعامه لمدة أسبوع ثم قررت الشرطة بيعه في سوق لودر وحدث أن تعرف عليه صاحبه وسارع إلى شراءه كيف لا وهو الحمار المدرب!! وفي أول مهمة للحمار بعد بيعه عند عودته محمل بالبضاعة بدلٱ من أن يعود إلى صاحبه ذهب بها إلى مركز الشرطة بحثٱ عن العيشة .
كلما حاولنا نشتري حميرنا عادت تبحث عن عيشة. فهي لا تذكر منا إلا العطش والجوع والأزمات.: (اشبعوا حميركم تتبعكم)!!
ولكن هناك من البشر حمير لا تشبع ولا تقنع وقد جبلت على الخيانة والغدر وباعت كرامتها لمن يدفع لها أكثر ومستعدة لإسقاط كل معايير الشرف وبيع الوطن في سبيل تحقيق مصالحها الخاصة !!
خيانة الوطن جريمة كبرى لا تغتفر، الوطن بمنزلة الشرف والعرض للإنسان. وفي بلادنا خونة تفننوا في أساليب الخيانة يظهرون بمظهر المخلصين الوطنيين وهم يدبرون المكائد والدسائس ذو وجهين ولسانين، والخائن يبقى منبوذا وذليلا ولو وضعوا على رأسه كل تيجان العالم ولو نفخوا فيه وجعلوه في أعلى المناصب، ألم يكن هتلر ونابليون يستعينان بمرتزقة وخونة ومن ثم رموهم بل احتقروهم وقتلوهم لأن خائن الوطن لا يستحق الحياة.
دروس التاريخ علمتنا أن الدول لا تسقط إلا بالخيانة، وغالبا لا ينتصر عدوك عليك إلا إذا تم اختراقك من الداخل، وأصحاب الأجندات يبحثون عن أي فرصة سانحة لإخراج خبثهم وخيانتهم، كان جيفارا صادقا عندما قال: ( إذا أردت تحرير وطن فضع في مسدسك 10 رصاصات تسع للخونة وواحدة للعدو)
الخونة أجبن الكائنات التي عرفها التاريخ، كما الوزير الخائن ابن العلقمي الذي ارتبط اسمه بجريمة من أفظع الجرائم، كان دليلا لهولاكو على سقوط بغداد، سقوط بغداد عبرة وعظة وغصة في حلق التاريخ ويندى لها جبين البشرية وتتصدع لهولها الجبال، فكم بيننا اليوم من صور طبق الأصل من ابن العلقمي؟!
ألد الأعداء اليوم هم الخونة الذين أنكروا الوطن باعوا أوطانهم وحملوا لواء الخيانة والعار والدم الذي يمشي في عروقهم دم فاسد، ولا شيء أسرع في دمار الوطن من تسليم زمام الأمور لمنافق أو خائن، جميعهم وعلى اختلاف توجهاتهم، فهم في النهاية باعوا أنفسهم قبل أن يبيعوا وطنهم باعوها بأبخس الأثمان واشتروا الذل والهوان والخسران وعوقبوا على خيانتهم لا من أبناء وطنهم بل من نفس الأعداء الذين ساعدوهم، والعار يلاحقهم دوما وأبدا.
الخونة زوروا التاريخ والجغرافيا على حساب أوطانهم ومارسوا الكذب والغدر والخيانة بوقاحة مقززة فهم للأسف أغبى من الأغبياء أنفسهم لا يهتمون بقادم الأيام ويظنون أنفسهم يملكون مالا يملكه غيرهم من الفطنة والذكاء والدهاء من أبناء الوطن الشرفاء الأوفياء.
وهؤلاء الخونة يستطيعون التلوّن بكافة الألوان والاستمرار عليه بقية حياتهم فهم أصحاب عقول صغيرة لا يهُمّها ما يجرّه ويسببه على غيره من كوارث ومآسي ونكبات فما بالكم بخيانة الأوطان…؟!
فهؤلاء يتحدثون ويكذبون وكأنهم أوفى الأوفياء في حب الوطن وهم كاذبون خائنون ويلبسون لبساً جميلاً ليواري سوءة أنفسهم المنحرفة الأمارة بالسوء وهم فئة ضمائرهم قد ماتت من زمن بعيد…فلا طيب ينفع معهم ولا نصيحة تفيد باعوا المروءة والشرف وحسن الخلق .
يقول افلاطون في مثل هؤلاء(الصالحون لا يحتاجون قوانين تحكمهم لكي يتصرفوا بحكمة ومسؤولية، بينما الفاسدون سيجدون طُرقاً كثيرة للتحايل والالتفاف حولها) فهؤلاء الفاسدون هم الخائنون الذين لا عهد لهم ولا ذمة فهو يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور يقول الله عز وجل في سورة الأنفال:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)
لعل بعضنا قرأ قصة نابليون ورفضه مصافحة أحد الخونة لوطنه، والمتعاون مع جيشه، حينما قدم الرجل ليتسلم حصته من المال، وكان نابليون يسلمها بنفسه، وقد مد يده ليسلم على القائد الفرنسي الذي قال له «خذ حفنة المال مكافأة لك، أما يدي فلا تصافح من يخون بلده»!
أتعلمون لماذا فعل القائد الفرنسي ذلك؟ لأن الوطن هو «الشرف والعرض والعهد والماضي والمستقبل، وكل شيء»، ومن يتنازل عن هذه المبادئ، ويسيل لعابه لحفنة من الدراهم، أو ينجرف خلف شعارات الأعداء خدمة لأهدافهم، ويبيع انتماءه لبلده ودينه ومجتمعه بأبخس الأثمان، فهذا لا يستحق العيش فوق ثراه، ولا يشرف الوطن، ورحم الله ابن الرومي حين قال:
ولي وطن آليت ألا أبيعه
وألا أرى غيري له الدهر مالكا
د.علوي عمر بن فريد