قاطعوا البضائع الإخوانية والحوثية!

2019-09-12 14:24

 

غاندي الكافر، عليه السلام، لما رفع شعار المقاطعة للبضائع الإنجليزية كان في سلوكه اليومي وفي مأكله ومشربه وملبسه إنساناً عظيماً وقدوة حسنة لشعب جائع فقير متعدد العبادات والطقوس.

لم يكن كذاباً ولا مزايداً ولا سياسياً ملتوياً ولا داعية سلام مزيفاً، ولم يسخر طاقاته لخدمة أهداف فئة في المجتمع ضد فئة أخرى، ولم يمِل لطائفة دينية على حساب طائفة أخرى، ولم يسرق، ولم يقتل، ولم يجعل قضيته متاحة للبيع والشراء، بل كان محامياً فذاً ومواطناً هندياً شريفاً استطاع النفاذ إلى وعي الشارع الهندي، وخاض معركة المقاطعة وحركة الاحتجاجات المدنية بجسد ناحل، ونظارة مستديرة، ووعي وطني كبير، وهدفه الأول والأخير من شعار المقاطعة كرامة ورفعة شعبه الهندي الصابر.

 

ولو كان هناك الآن رجل بوطنية غاندي يدعو لمقاطعة البضائع الأمريكية ومقاطعة الإمارات، كنت سأقاطع وأبذل كل جهودي في سبيل نجاح هذه الفكرة، لكنني في واقع الحال مواطن يمني يعيش الآن في زمن جماعتين دينيتين تكذبان باستمرار باسم الله واسم الدين واسم الوطن ورفعتا في أوساط اليمنيين شعار المقاطعة للبضائع الأمريكية والإماراتية لأهداف وأعراض شخصية لا علاقة لها أبداً بطموحات ورغبات واحتياجات الشعب اليمني. الحوثيون يقولون "قاطعوا البضائع الأمريكية" و"عبد السلام فليتة" ناطق الجماعة يتنقل بين المطارات والبلدان بدولارات أمريكية ولا يهمه أو يعني جماعته بأكملها أن يكون اليمنيون شعباُ جائعاً وعلى قطيعة كبرى مع الحياة الآدمية الطبيعية ومع العالم المشرق، ولم تقدم جماعة الحوثيين لليمنيين إلى اليوم أي بضاعة بديلة غير الموت اليومي والمهانة في سبيل أهداف خاصة.

 

وإلا جماعة الإخوان المسلمين الذين رفعوا من قبل شعار "إمارات الخير"، اليوم اختلف عليهم المرقد واستيقظوا من نومهم "مقحوشين" يخوضون حملة لمقاطعة طيران وشركات الأدوية الإماراتية، ليس لأن طيران الإمارات يجيب الدوخة، ولا لأن أدوية الإمارات طعمها شمات وباهظ الكلفة الشرائية، ولكن لأن الإمارات دولة رفضت أن تستخدم الإخوان أكياساً "للطرش" على متن طيرانها المحلق في السماء! ولأنها أيضا ترفض قطعياً استخدام الإخوان كـ"تحاميل" لرأب الصدع اليمني، ولأن الإخوان في حقيقتهم الأصلية مرض مزمن بلا لقاح ولا دواء له غير الوقاية والتحذير من مخاطره على أقل تقدير.

 

غاندي، الله يرحمه، لما قال "قاطعوا البضائع الإنجليزية" لم يكن كهنوتياً مبندقاً يقاتل الطوائف الأخرى الهندية لمجرد أنها لا تعبد البقرة ولا تؤمن بولاية علي راجيش خان. ولم يكن إخوانياً كذاباً يبيع العسل والحبة السوداء ويزرع الكراهية والأحقاد والبغضاء في النفوس، بل كان مصلحاً اجتماعياً حقيقياً، وكانت كلماته الداعية للمقاطعة صادقة، نابعة من ضمير وطني صرف خالص مش من ضمير حزب أو فئة أو طائفة أو جماعة دينية يعمل لصالحها..

ولهذه الأسباب كلها تمكن غاندي من التأثير في مجتمعه، وأصبح بين شعبه في مقام نبي، وبين شعوب المعمورة الأخرى رمزاً كبيراً للسلام. على أن أسوأ بضاعة يفترض باليمنيين أن يقاطعوها بصدق وضمير هي بضاعة أكاذيب وزيف الإخوان والحوثيين لأنها بضائع ممرضة تجعل الجسد المتعافي عليلاً وتجعل البلاد التي في السماء طريحة في أسفل سافلين .