منذ فجر التاريخ والغزاة من كل الأمم كانوا يحاولون كسر أبوابها وتسلق أسوارها وفي كل مرة يجدونها عصية عليهم بقوة إرادة أهلها وبأس شبابها وكلما قرعت طبول الحرب هبوا لنجدتها لدحر الغزاة ..وبقدر تصديها للغزاة الطامعين فهي تفتح أبوابها لمن أراد دخولها ليعيش بسكينة وسلام وتفتح ذراعيها للرحالة والتجار ومن أراد طلب العيش فيها بكرامة وشرف .. لا تعرف العنصرية ولا المذهبية .. وتعايشت فيها كل الأديان من الإسلام والمسيحية والهندوسية واليهودية وتعايشوا معا في أمن وسلام !!
عانت عدن والجنوب من الأحقاد والمظالم ما لا حصر له. وعومل أهل الجنوب، وكأنهم ليسوا أصحاب الأرض الأصليين ، بعد أن تحولت إلى جحيم في حرب الرفاق وهزموا أنفسهم وساقوا معهم الجنوب كله محطما مهزوما بمذبحة صنعها “الاشتراكيون” لأنفسهم، وجعلوا من الجنوب غنيمة حرب لغيرأهله، وتم اجتياحه عام 1994م ليُنهب، وكأن من سلّم للشمال المفاتيح كان يملك كل شيء في الجنوب، وهو لم يملك شيئا. لم تكن تلك الوحدة، وحدة أبدا. كانت احتلالا فحسب.
. ولم يحُسن إخوان الشمال معاملة الجنوب واستباحوه نهبا وسلبا لأرضه وثرواته وقاموا مع شيطان النظام وعرابه "صالح " وما هو والله بصالح ولكنه طالح ..قاموا بتنفيذ أكبر عمليات اغتيالات لكوادر الجنوب وبعد أن انقلبوا على صالح واختطفوا ثورة الشباب عام 2011م هربوا من الحوثي عند اجتياح صنعاء كالفئران والتحق قسم منهم خداعا بشرعية هادي وسكنوا فنادق الرياض والقسم الآخر استوطن اسطنبول يدير استثماراته ..ويطل علينا منظروهم كل ليلة عبر شاشة الجزيرة "القطرية" أم الكبائر وغازلة الفتن لينفسوا عن احباطاتهم وفشلهم في الحرب المشتعلة في اليمن ...و يهرب اليوم حزب الإخوان من الجنوب، كما يهرب اللصوص إذا طلع الفجر. جاؤوا تحت غطاء الشرعية، وأقنعوا أنفسهم، بأن الطريق إلى صنعاء لا يمرّ إلا من عدن. وكان ذلك أول ضياع البوصلة!!
الجنوب الذي تحرر بأيدي أبنائه، لم يعد بحاجة إلى أن يُطغى عليه من أي أحد. الذين يريدون أن يحرروا اليمن انطلاقا من الهيمنة على عدن، ها هم يكتشفون الآن أن الطريق الذي سلكوه كان طريقا للضلالة فحسب. صنعاء، لا عدن، هي ما يجب أن يكون الهدف.
الطريق إلى صنعاء لا يمر من عدن. إنه يمر من تعز والحديدة وحجة. – الجنوبيون أدّوا المهمة التي حارب من أجلها التحالف العربي، وحققوا أهدافها في أسابيع. ووفروا للشرعية أرضا، تكفي لتزعم لنفسها ما تزعم. فلماذا الطغيان عليها؟ ـ الجنوب لأهله، كما الشمال لأهله!!
ومن المفارقات العجيبة أن العصبة الشمالية الهاربة أذعنت وجلست تتفاوض ثلاث مرات مع عصابة الحوثي في : جنيف – والكويت – واستوكهلم وتأبى اليوم الجلوس مع المجلس الانتقالي الجنوبي في جده ؟؟؟!!!
ومع الأسف الشديد أنها تمتلك خونة وادلاء وعبيدا اشترتهم بالمال من الجنوبيين وهم من سلالة أبي رغال الذين باعوا وطنهم الجنوب وهم مجرد سدنة على أبواب معابد الأحمر والحوثي وسترجم قبورهم الأجيال الجنوبية كما لا زال العرب يرجمون قبر أبي رغال حتى اليوم !!
وأكد «بن بريك» «أن تركيزنا كجنوبيين على أمرين: التعاون مع التحالف للقضاء على المشروع الحوثي الفارسي، والشروع في الحل السلمي النهائي العادل لقضيتنا الوطنية الجنوبية».
والأمر الثاني بحسب نائب رئيس المجلس الانتقالي التركيز على «بناء وحدات عسكرية صادقة في مواجهة الحوثي، ووحدات أمنية لمواجهة القاعدة وداعش.. كل هذا يريد إفساده حزب الإصلاح الإرهابي».
ما من أحد خدم التحالف العربي، أكثر من الجنوبيين. بقي أن يؤدي الآخرون واجباتهم . فيذهبوا إلى حيث يجب أن يكونوا. المعركة الأصل، هناك، في الشمال، لا في عدن. فلماذا الطغيان على عدن؟ لماذا الردة عليها بينما الحوثي يسرح ويمرح؟ عندما لا ينظر بعض الإعلام إلى هذه الحقائق، فليس لأنه عاجز عن قولها، بل لأنه لا يريد رؤية الحق. حتى ولو عاد أحمر الشمال وأخضره ليحاول “تحرير” عدن من أهلها، فإنها سوف تتمرّد. التمرد جزء من طبيعتها أصلا. أما التحالف العربي، فإنه حرّ بنفسه. يمكنه أن يختار ما يختار من الطرق. والقبول بقيادته أمر لا نقاش فيه. وعدن لن تسقط في فخ أي قول آخر. لأنها تحتاجه بشدة. تحتاج عطفه وتضامنه. كما يحتاجها هو كقوة بناء وطنية عاقلة. سوى أنها لا تريد أحمر ولا أخضر يُملى عليها. لا تريد إسلاما إخوانيا ولا إسلاما شيوعيا. وهذا ليس بكثير على من حرّر نفسه وامتثل وشكر. لهذا السبب، لا يحق لإعلام يمتلك القدرة على رؤية الحق، ألا يقوله.
ورحم الله شاعر العروبة أمير الشعراء أحمد شوقي القائل :
وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق
د.علوي عمر بن فريد