لماذا يا عبد الرحمن الراشد؟؟!!

2019-08-19 13:24

 

المتابع لمقالات عبد الرحمن الراشد يتضح له في كل مقالاته انه ومنذ السطور الأولى تبنيه وجهة نظر واحدة بشأن القضية الجنوبية من خلال تحيزه الكامل لشمال اليمن ومحاولاته الدءوبة طرح الكثير من المبررات غير المقنعة على استمرار الوحدة اليمنية التي ماتت في القلوب شمالا قبل الجنوب لممارسات حكام صنعاء والهيمنة (الزيدية ) ليس على الجنوب وحده بل حتى على الشمال ذو الأغلبية الشافعية فهي ممارسات سلالية عنصرية مذهبية ترسخت في وجدان قبائل الهضبة الزيدية منذ أكثر من ألف عام !!

والأغرب من ذلك كله أن الراشد أصبح يغرد وحيدا وبعيدا عن السرب الخليجي وخاصة مع النخبة المثقفة التي تتبنى وجهات نظر عقلانية ومحايدة دون تعصب مثله لطرف دون آخر حيث جاء في مقاله الأخير :

( قرأت مقالين للدكتور محمد الرميحي ( في الشرق الأوسط )والدكتور سعد العجمي ( في اندبندنت عربي ) حول الخلاف القائم وباختصار فهما يعتقدان أن استقلال الجنوب هو الحل الأمثل بل إن السعوديين المثقفين أيضا يعتقدون أن المصلحة السعودية هي في يمنين أو ثلاثة وليس في يمن موحد أكبر سكانا و أردف قائلا : الخطورة العبث السياسي مع كيانات الدول ثم يقول : ولا يصدق أحدكم أبدا أن الجنوبيين متفقون على قلب رجل واحد وهناك مكونات متباينة في الجنوب !!

ونرد على الراشد بالقول:  مع احترامنا لقلمه انه ينظر بعين واحدة ويصدر أحكاما جزافا ليس من اليوم بل من عشرات السنين عندما تطرح قضية الجنوب !!

ويبدو أن الراشد يعيش في أبراج عاجية ومنفصل عن الواقع ويتجاهل في كتاباته المنحازة إرادة شعب الجنوب بأسره ومشكلته لم تقتصر على اختلافه مع زملائه الخليجيين بل التجاهل التام لما يجري على أرض الواقع فالحشود المليونية الأخيرة التي تظاهرت في عدن تطالب بالاستقلال لم تخرج عبثا بل خرجت من الم القهر والمعاناة ثم نسأله وهو القائل : إن مصائر الشعوب لا تحسم إلا في مبنى الأمم المتحدة فقط وهو بهذا الطرح يتجاهل نضال الشعوب الحرة التي حسمت قضاياها بفوهات البنادق والمدافع !! كما حاول صالح فرض الوحدة على الجنوب في حرب 1994موفشل في ذلك !!

ونسأله منذ متى كانت الأمم المتحدة تفصل في قضايا الشعوب والأمم من فلسطين وكشمير إلى كردستان وهي تسجل فشلها الذريع كل يوم في قضايا الشعوب وحريتها واستقلالها وفي النهاية تبقى الغلبة للشعوب الحرة بنضالها وكفاحها المستميت كما حدث في إسقاط النظام العنصري الأبيض في روديسيا وجنوب أفريقيا وانفصال جنوب السودان وخروج سوريا عن الوحدة المصرية بالدبابات عندما تبين لهم أن لا فائدة من الوحدة والحبل على الجرار!!

ويقول د.محمد الرميحي :

 

إن جمهورية يمنٍ جنوبي ضعيف وملحق وغير قادر على بناء دولة حديثة وتبادل سلمي للسلطة في المستقبل، لن تعني شيئاً كثيراً للأزمة اليمنية، ولكنّ جنوباً جمهورياً حقيقياً يؤهل لبناء دولة حديثة هو المعنيُّ؛ فهو أولاً يسمح بوجود سلطة على كلٍّ من الداخل الجنوبي وأمن البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وهما القضيتان اللتان تهمّان العالم من جهة أمن المسارات البحرية الدولية، وثانياً، يقضي على إمكانية استغلال الفراغ السياسي لظهور التطرف مثل «القاعدة» أو «داعش» وسط رخاوة السلطة، تلك بيئة صالحة لنشاط التطرف والعنف. في حال ضبط المتغيرَين الاثنين (أمن المضيق، وتجفيف منابع التطرف) تصبح دولة الجنوب مؤهلة للانخراط في المحيط الإقليمي وفي العالم، وأرضها في الغالب منبسطة، وإن أُلحقت بها الحديدة وما جاورها يُترك الشمال، كي تقوم آليات الضبط فيه، ولو على سنوات، لاستتباب أمن معقول يتناسب مع ما يرغب فيه أهل اليمن

ويقول د.سعد العجمي:

علينا أن نتذكر حقيقة لا يمكن القفز عليها وهي أن اليمن لم يكن موحداً طيلة تاريخه، فالجنوب حكمه سلاطين بكانتونات مبعثرة، والشمال حكمته الإمامة التي تسيطر على مدنه وليس على جباله وأريافه، والوحدة التي فرضها علي عبدالله صالح بالقوة عام 1994 لا يعتد بها، فالوحدة لا تفرض فرضاً، بل تتم طوعاً واختياراً.

 

علينا أن نقر بأن الجنوب يختلف عن الشمال اختلافاً كبيراً، فلا اللهجة واحدة، ولا حتى اللغة التي يتكلمها الجنوبيون واحدة، فالشرق يتكلم المهرية، وأهل سقطرى يتكلمون السقطرية وكلاهما لغة سامية قديمة تختلف عن العربية. كما يختلفون كثيراً بالطباع والسلوك، فأهل الشمال يغلب عليهم طباع الجبال بوعورتها وخشونتها، وأهل الجنوب يغلب عليهم طباع البحر والسواحل الهادئة.

 

الأهم هو أن أهل الجنوب لا يريدون أن يكونوا جزءاً من الشمال، ويتطلعون نحو الاستقلال عنه، وهذا حقهم. وبناءً عليه، فإن اليمن لن يعود يمناً واحداً بعد اليوم، بل قد يستمر عقوداً وهو أكثر من يمنيين، وهو الوضع السائد بتاريخه، فلم يعش اليمن مركزية سلطوية في تاريخه، هذه هي الحقيقة التي يغفلها البعض، والتي بإدراكها يمكن التعاطي مع تطورات الأحداث بعدن من منظور استقلال الجنوب والعمل على تحقيق الاستقرار والتنمية فيه

وبعد هذا كله أليس من الحكمة  العقل والمنطق أن يترجل الأستاذ الراشد عن حصانه الجموح الذي يطير به على أجنحة الخيال ويراجع أفكاره حتى تتماهى مع واقع الحال في اليمن؟؟!!.

د.علوي عمر بن فريد