كان يحكم مصر حاكم قوي يسمى (محمد بن طغج) ويلقب بالإخشيد وإليه تنسب الدولة الإخشيدية، وقد خلفه أحد أتباعه الذي لا يقل عنه قوة مهارة وحكمة، وكان يدعى (كافور الإخشيدي)، وهو الذي كان يمدحه الشاعر المتنبي بعدد كبير من القصائد (سميت الكافوريات)، أملا منه أن يهب له مقابل ذلك مدينة يحكمها أو ضيعة يملكها، فلما يئس من ذلك عمد إلى هجائه بأقذع السباب وأفحشه. وكان من جملة الهجاء القصيدة المعروفة ببدايتها الرائعة::
عيد بأية حال عدت يا عيد
بما مضى أم بأمر فيك تجديد
إلى أن يقول فيها :
ما كنت أحسبني أحيا إلى زمن
يسئ بي فيه عبد وهو محمود
ويقول الكاتب الكبير:توفيق الحكيم:( إن المصلحة الشخصية هي دائما الصخرة التي تتحطم عليها أقوى المبادئ.) وهكذا هو حال أعيادنا فبعد أن كانت تلك الأعياد ترتكز على العلاقات الاجتماعية والتواصل والحب والتسامح والزيارات، أصبحت كل هذه الصفات شبه معدومة ولم يعد حالنا أفضل من حال المتنبي، فرسائل المعايدة وتكلف الزيارة والهدايا تذهب لأولئك الذين نرى أن مصالحنا الشخصية عندهم وأن نجاحاتنا بأيديهم. ويرى الكثير من شباب هذا اليوم أن الحياة بصفة عامة لم نعد نرى فيها الصداقات الحقيقية، وإنما أصبحت مصالح متبادلة وبمجرد أن تنتهي المصلحة تنتهي معها تلك العلاقة.
ونحن نحتفل بالعيد الفطر السعيدة العزيز يهل علينا و على الأمة الإسلامية وهي متفرقة محطمة هذه سوريا تتخبط في دمار
نتوجه نحو العراق وقد تمزقت إلي أجزاء كل يوم تحصي عدد قتلاها
وإذا اتجهنا إلي فلسطين نجد أن غزة الكرامة تدفع وبشراسة عن كرامة الأمة.
نتجه إلي اليمن وهي كذلك مقسمة تتخبط في دهاليز السياسية التي لا تبقي على شئ إلا و دمرته في اليمن،
"السعودية لم تعتدِ على اليمن، بل الحوثيون أنشئوا تحالفاً مع علي عبد الله صالح. ومن كثرة وفائهم له قتلوه، وصار لديهم صواريخ باليستية بالعشرات يرسلون منها ما تيسّر إلى الأراضي السعودية. ما فعله الحوثيون هو دخول إيراني على الحديقة الخلفية السعودية. السعودية دولة شرعية تدافع عن أراضيها وشعبها من اعتداءات جارٍ مذهبي يفتخر بانتمائه إلى السياسة الإيرانية، مستفيداً من كلّ خبرات هذه السياسة وخدماتها العسكرية دعماً لهذا التحالف!!
نعود إلي مصر المحروسة نجدها كذلك تحوم في دوامة..
ليبيا نجدها تذمر نفسها بنفسها هذا يقول أنا وأخر يقول أنا!!.
هذا تونس الخضراء كما تسمي نجدها بين أحضان النهضة و أحضان المعارضة وكل يوم نسمع أخبار الموت تحوم في تونس الخضراء
أما ا الجزائر نجدها مشتعلة بالمظاهرات في حين اشتعلت السودان وسالت الدماء البرئية .
فعن أي عيد نتحدث هذه السنة وعلي من نبكي أو نشكو حزننا قلوبنا تتقطع ولم يعد للعيد طعم كما كان منذ زمن نجد كل يوم أخبار أموات وكأنها نسمات الصباح تغرد لمن لا يعرف ما معني الموت على وسائل لإعلام العربية ولأجنبية؟؟ حتي فقد الإنسان معني لإحساس والألم من شدة ما يرى من حجم الدمار حيث الجثث تتناثر هنا وهناك !!.
فكم نكتب أو نحزن على حال الأمة الإسلامية فنجد شعارات من فلسطين أن العيد مؤجل إلي إشعار آخر ربما بعدة عدة سنوات.
فكم هو الحزن عميق ودفين رغم انه من المفروض أن نتناسى أحزاننا يوم العيد ، لكن مادا نقول هذا حالنا اليوم؟؟!!! إلا ما قال المتنبي في قصيدته “بأية حال عدت ياعيد؟!!
إن الأعياد مهما اختلفت صورها , وتباينت تقاليدها , وتنوعت شعوبها , تنطوي على معاني الحب والأمن والسلام , وهو ليس السلام الأجوف الذي اتخذ منه المتسابقون في حلبات الصراع الدولي وسيلة للدعاية الكاذبة , ومادة لتخدير الأعصاب المضطربة , وأسلوبا لخداع النفوس , وذر الرماد في العيون .
إننا نستقبل هذا العيد , وفي شفاهنا ابتهال , وفي قلوبنا ضراعة , وفي جوانحنا أمل , أن يعيد العيد للصفوف العربية تماسكها , ويقضي على الفتنة التي تهددها , وأن يرشده قادة الشعوب إلى ما فيه صلاح العالم وخير الإنسان .
وكل عاو وأنتم بخير.
د.علوي عمر بن فريد