شكلت الوحدة العربية هاجساً لدى المواطن العربي ولم تكن مجرد حلم بل كانت جزءاً من الحياة اليومية ومن خطابات الزعماء ونشاطاتهم ولهذا السبب كثرت الأحزاب القومية بعد الحرب العالمية الثانية أما حالياً فوجودها شبه معدوم.
وسبق لبعض القادة العرب أن حاولوا تجسيد الوحدة ولكن الهدف كان بعيد المنال. فالصعوبات التي تمنع تحققها عديدة جداً، منها تعزز مبدأ القطرية فالحدود ومع مرور الزمن خلقت فواصل فعلية بين الشعوب والحكام والاختلافات العديدة تجعل الانصهار شبه مستحيل. يضاف إلى ذلك واقع الاختلافات في الإيديولوجيات وأنظمة الحكم، فبعضها ملكي وبعضها جمهوري وهناك الفرو قات الاقتصادية والسكانية الهائلة بين دول وأخرى. وقد فشلت العديد من المشاريع الوحدوية العربية منها :
الجمهورية العربية المتحدة بين مصر وسوريا ،إتحاد الجمهوريات العربية بين مصر وسوريا وليبيا،الجمهورية العربية الإسلامية بين ليبيا وتونس، ميثاق طرابلس الوحدوي بين مصر والسودان وليبيا، الوحدة الاندماجية بين ليبيا ومصر،
بيان حاسي مسعود الوحدوي بين ليبيا والجزائر، الوحدة الاندماجية بين ليبيا وسوريا، الإتحاد العربي الأفريقي بين ليبيا والمغرب، مجلس التعاون العربي بين الأردن ومصر والعراق واليمن الشمالي كما فشلت الوحدة بين الجنوب واليمن الشمالي وهي كلها محاولات انتهت بالفشل مع ما رافقها من حروب لا زالت مستمرة حتى اليوم !!
ليس هذا فحسب بل أنها خلفت جراحات وآلام بقيت محفورة في الذاكرة اليمنية لا زالت ندوبها ظاهرة للعيان بسبب سياسات الهيمنة والقمع الوحشي الذي رافق الوحدة بسبب طموحات المتنفذين ومشاريعهم الضيقة والأنانية التي أقامت حواجز من الكراهية بين اليمنيين أنفسهم !!
حتى أصبح من المستحيل إعادة صياغة جديدة للوحدة قائمة على القانون والدستور والتعددية والديمقراطية وخالية من المناطقية و أصبح هذا الخيار مستحيل التحقيق لتجذر النفوذ الحوثي في شمال اليمن ،وهناك مخاطر كبيرة تحيط بالجنوبيين في حال نشوب صراع سياسي جنوبي شبيه بصراع عام 1986م ،والذي لم يغادر شبحه الذاكرة الجنوبية خاصة أن الخطر يتمثل في المناطقية الحاضرة بقوة ومعها كل رواسب الماضي في ظل الخلافات الجنوبية ، ويدرك الجنوبيون أن هادي لن يستطيع استعادة سلطته على شمال اليمن رغم دعم التحالف الغير محدود..وهادي خسر الشعبية التي حظي بها بعد خلافة صالح والتي تآكلت اليوم بل وانعدمت في عموم اليمن !!
وفي ظل ما يجري اليوم من حشود أمريكية تنذر بحرب وشيكة على إيران ستأكل الأخضر واليابس ونتمنى أن لا تقع لأنها ستطال الجميع !!
أن يستمع اليمنيون إلى صوت العقل وأن يكف الحوثيون من الإصغاء للتحريض الإيراني مع التخلي عن تبني الأفكار العدوانية على أشقائنا العرب في الجزيرة والخليج قبل إشهار العصا الغليظة التي ستنهال على رؤوسهم وإعادة صياغة أفكارهم وفق حجمهم الطبيعي والتعايش مع باقي المكونات اليمنية شمالا !!
أما جنوبا فمن المستحيل العودة إلى باب اليمن والوحدة قد ماتت في النفوس والشواهد على ذلك كثيرة ومنها:
فجر مستشار ولي عهد أبو ظبي مفاجأة وقال : دولة عربية ستظهر في منطقة الخليج قريبا !!
كما قال المتخصص في الشأن العربي مفلح عسيري :
كل الوقائع ماضيا وحاضرا تتحدث وتثبت أن جنوب اليمن سيعود كما كان قوي ومثقف طال الزمن أو قصر ..حقيقة مرة للإخوة الشماليين وهذا ما يدور في أروقة الساسة الخليجيين والعرب وحتى في توصياتنا للغرب :(اليمن يمنان ..يمن شمالي ويمن جنوبي خليجي )
أما المحلل الاستراتيجي والعسكري البارز إبراهيم آل مرعي فقال :
أستطيع أن أقولها أن دولة الجنوب أصبحت اليوم حقيقية وستنظم إلى مجلس التعاون الخليجي قريبا وان أكثر الدول الكبرى تستعد لاستقبال هذه الدولة الجنوبية العربية الخليجية الصادقة والتي نثق فيها كل الثقة وفي جنودها وفي شعبها الطيب والمخلص ونقول لهم : صبرتم وبعد الصبر يأتي الفرج !!
ونختم بقول الدكتور خالد القاسمي :خلاص الجنوب جنوب والشمال شمال قده واضح للعيان وكل يوم تزداد قناعتي أن شمس الحرية بدأت تشرق على جنوب العرب !!
وأخيرا نترك المساحة الباقية لصحيفة( اليمن الآن ) التي اتسمت حروفها باللطم والتهديد في الوقت ذاته وقالت :
-المجلس الانتقالي الجنوبي يحصل على 58 دبابة فرنسية من نوع لوكير52 مدرعة ليزر وصواريخ حرارية ..يجب أن نتوحد لضرب الانفصاليين قبل أن نخسر ثرواتنا النفطية في حضرموت ونصحا على فاجعة القرن 21!!
وختاما نقول لهؤلاء السذج الحالمين أفيقوا من سباتكم وأحلامكم الوردية وانظروا لما يجري من حولكم فالشمال شمال والجنوب جنوب والرجال اتفقوا والظاهر غير الباطن والمعلن غير المستور ونقول لهم : لا تبيعوا الوهم للسذج فأنتم أقل فهما منهم وأقصر باعا في فهم السياسة !!
د. علوي عمر بن فريد