ترمب أكثر الرؤساء الأميركيين وضوحاً منذ عشرات السنين، وهو يجسد «العقلية الامبريالية» بأوضح صورها ويمارس السياسة الخارجية بعقلية الصفقات! في بعض الأزمات الإقليمية والدولية تصعد الأطراف لهجتها وتهديداتها، تمهيداً لبدء المفاوضات للوصول إلى تسوية، وفي هذا السياق يمكن النظر إلى الحرب الكلامية المتصاعدة بين واشنطن وإيران، التي أشعلتها فرض عقوبات أميركية إضافية على طهران، واستعراض واشنطن للقوة العسكرية في الخليج العربي، وبررت واشنطن هذه التحركات بظهور «مؤشرات على وجود خطر حقيقي من قبل قوات النظام الإيراني
القراءة الموضوعية للمشهد تشير إلى أن التسخين هو «تصعيد أجوف »! وأن الطرفين ينتظران وساطة طرف ثالث، وبادر ترمب إلى الإعلان بطريقة ساخرة أنه وضع رقم هاتف في سويسرا، لكي تتصل إيران من خلاله، ثم استقبل الرئيس السويسري في البيت الأبيض، وثمة تكهنات بأن تلعبا دوراً بالوساطة سلطنة عُمان أو دولة قطر، باعتبارهما ترتبطان بعلاقات جيدة مع الجانبين!!
. تخطئ طهران إذا راهنت على موقف أوروبي مستقل عن السياسة الأميركية، فقد سارعت الدول المعنية بالاتفاق النووي «ألمانيا وفرنسا وبريطانيا» وكذلك الاتحاد الأوروبي، برفض مهلة الشهرين التي حددتها طهران! !
أما اعتماد إيران على دعم روسي حاسم، فيدخل في باب الوهم السياسي، فكل ما تفعله موسكو لا يزيد عن إطلاق تصريحات ضبابية، لن تترجم إلى مواقف عملية!.
ومن ناحية أخرى تشير الأحداث المتلاحقة أن هناك شيئا يتم تنفيذه للمنطقة، فالتسريبات المتعمدة تهدف إلى تحويل الأنظار عن حقيقة ما يجرى على الأرض فقد نصحو من النوم على منطقة جديدة أو فرض علينا واقع جديد نقبله بدون مناقشة أو حتى احتجاج رسمي أو شعبي!!
فإيران منذ انقلاب الخميني ترفع شعارات ولا تنفذها وتفتعل كل يوم أزمة مع جيرانها وتريد أن تكون دولة كبرى على جثث الدول المجاورة وعندما تتمكن إيران لن تبقى دولة واحدة بعيدة عن أطماعها حتى لو كانت دولة حليفة لها.
ونفس الأمر ينطبق على تركيا الاخوانية فهي تقيم علاقات مميزة مع الكيان الصهيوني وحركة السفر والتجارة والتعاون في كل المجالات أكثر من ممتازة لكنها ترفع شعارات عكس هذه العلاقة لصرف النظر عن أطماعها المعروفة فرأس النظام التركي يريد أن يعيد الخلافة العثمانية ويريد أن يكون سلطان المسلمين السنة.
فتركيا تريد عودة الدولة السنية !!
وإيران تريد أن تعيد الدولة الشيعية والكيان الصهيوني يريد دولة يهودية فالهدف واحد وكأنهم اتفقوا أن يحولوا المنطقة إلى دول دينية ويأتي هذا في الوقت الذي خفت اهتمام الغرب بموضوعات الديمقراطية وحقوق الإنسان التي ترفع شعارها.
ويأتي التصعيد مع الإعلان عن موعد ما أطلق عليه صفقة القرن وهى الصفقة التي طبختها الإدارة الأمريكية!!؟؟.
.والدفاع الأوربي على إيران وعلى الاتفاق النووي معها يؤكد أن أوربا تبارك هذه العلاقات ونفس الأمر عند الديمقراطيين في الولايات المتحدة الذين هم خططوا لهذا التقارب وخططوا للفوضى التي مرت بها المنطقة وصعود الجماعات الدينية لسدة الحكم في عدد من الدول وفشل تجربتهم في مصر وليبيا واليمن والسودان.
كل هذا يشير إلى أمر ما سوف يحدث في المنطقة وهذا الأمر سوف يتأثر به الحلفاء قبل الأعداء أمر سوف يفرض علينا تقبله ونحن صاغرون طالما لم نتحرك بقوة لإفساد ما يتم الآن على الأرض وأن يعي الجميع من المحيط إلى الخليج أن الخطر سوف يطال الجميع بلا استثناء.. فهل سننجح في مواجهته؟؟!!
د.علوي عمر بن فريد