في ظل ما يجري من حروب وأزمات في اليمن: ماذا ننتظر من الشرعية المتخمة بالأوغاد واللصوص وتجار الحروب من الانتهازيين الإصلاحيين ؟ الذين يقتلون اليمنيين ويكفرونهم باسم الدين ؟ وماذا ينتظر اليمن من بقايا نظام الهالك عفاش وحزبه الذي تبخر في الهواء؟!! وأتضح أن شعاره وحصانه الجموح لم يكن إلا حصانا خشبيا ،كحصان دون كيشوت الذي كان يحارب طواحين الهواء ! ؟
ماذا ينتظر اليمن من خلاص على أيدي هؤلاء وهم بقايا العصابة التي فرت من ميادين القتال !!؟؟
..هؤلاء الذين يسرقون قوته وموارده وحتى مساعدات الأشقاء ..وهم يتقلبون اليوم على الديباج والحرير ويعيشون حياة مترفة .. وقد تركوا أبناء الشعب اليمني البائس ينزف دما ودموعا ويتساقطون في الطرقات قهرا وجوعا تنهشهم الأمراض وتفتك بهم الأوبئة وتمزق أجسادهم الألغام والمتفجرات !!
هؤلاء أنفسهم الذين يتشدقون بالشرعية المختطفة هم الذين مكنوا عصابات الحوثي من البقاء والاستمرار لامتطاء ظهر اليمن وإقصاء كافة أطيافه الأخرى !!
اليمن اليوم وقد ضاعت وعجزت نخبها وأحزابها ومكوناتها السياسية والاجتماعية والقبلية عن صياغة مشروع سياسي واحد يلتف حوله الجميع .
مما أتاح الفرصة الذهبية للحوثيين وكلاء إيران في اليمن بإعطائهم إشارة البدء للتدخل في اليمن ..وتنفيذ مخططهم ا لتوسعي الطائفي الذي يهدف إلى إخضاع المنطقة لنفوذ ولاية الفقيه من خلال إسقاط الدولة لتحل محلها الطوائف، واستبدال الجيوش بالميليشيات الدموية التي تقتل وتدمر الإنسان العربي ، وذلك بارتكاب إيران عبر أدواتها الحوثية جرائم القتل والهدم والتفجير والتخريب ضد اليمنيين في شكل ممنهج ومدروس، إضافة إلى نشرها الأفكار الطائفية لتمزيق النسيج الاجتماعي ونسف التعايش السلمي، فالتدخلات الإيرانية عبر أدواتها الحوثية تتسبب اليوم بكارثة إنسانية حقيقية، مخلفة آلافاً من القتلى والجرحى، ولم تكتفِ إيران بتفخيخ العقول، بل زرعت عبر أدواتها الحوثية الآلاف من الألغام التي تحصد أرواح الأبرياء في شكل يومي في العديد من المدن والأرياف التي عجزت عن البقاء فيها، في ظل صمت عجيب لمنظمات حقوق الإنسان !!.
وبالإضافة إلى ذلك كله هناك أسباب كثيرة من أهمها وأبرزها التاريخ السياسي القريب في اليمن شماله وجنوبه، والتركيبة الاجتماعية، وانعدام الولاء الوطني، والارتهان السياسي للقوى الخارجية، وانعدام المساواة وغياب التوزيع العادل للسلطة والثروة. والتمثيل العصبوي الفئوي والمناطقي في مؤسسات الدولة وقطاعاتها المدنية والعسكرية، والأزمة السياسية بين السلطة والمعارضة، وتردي الأوضاع المعيشية وارتفاع معدل البطالة، والصراع على السلطة والثروة بين أقطاب الحكم وحلفاؤه، وتوريث السلطة، واحتجاجات الجنوب، وحروب صعده الست، وسقوط منظومة الحكم وتحالفاته أعقاب ثورة 11 فبراير 2011م، وفشل الانتقال السلمي والتحوّل السياسي، وتصاعد أعمال العنف والتفجيرات والاغتيالات السياسية، والانقسام الحاصل في مؤسسة الجيش والأمن، والخلاف والنزاع حول مسودة الدستور ونظام الأقاليم، وحدث الانقلاب العسكري في 21 سبتمبر 2014م، واستيلاء الحوثيين على صنعاء، ونشر المليشيات المسلحة في المدن، وإعلانهم الحرب والتعبئة العامة، كل ذلك جعل الحرب في سياقها المحلي تتشابه مع حروب لبنان الأهلية والطائفية، والحرب التي شهدتها العراق إثر سقوط نظام صدام حسين؛ ولا يعني هنا تماثلها فالحرب الجارية مصنوعة إقليمًا ودوليًا ومدفوعة بإرادة خارجية وإن وجدت لها بعض النتوءات والجواذب في البيئة المحلية، وهي في جوهرها عنوان لحروب ومشاكل وأزمات متعددة جاءت بعد تحوُّلات ومخاضات سياسية متعثرة بين عام 90و94 وبين2011 و2015م؛ ولها خلفياتها وجذورها العميقة التي تتمثل في الغياب التاريخي للدولة الحقيقية، والاستقرار السياسي للبلد!!
ولم تكن اليمن يوماً في معزل عن التأثر والتأثير في محيطها الجغرافي، فقد أدى موقعها الإستراتيجي دوراً بارزاً في تطوّرها السياسي الداخلي، وحكم علاقاتها بدول الجوار وبالقوى الدولية الكبرى. كما مثل الموقع أحد الأسباب التي أدت لأن تكون البلاد ساحة للصراعات الدولية وتصفية الحسابات الإقليمية، والمجال الحيوّي لحروب الهيمنة وصراع المصالح والنفوذ والاستقطاب في المنطقة والعالم.
والسؤال هو: هل بريطانيا لازالت ممسكة بملف الجنوب في ظل ما يجري اليوم في اليمن؟
هذا السؤال عبر عنه الكثيرون خاصة عندما خرجت بريطانيا من الجنوب عام 1967م من الباب وتسلل الروس من النافذة وأقاموا حكما شموليا قمعيا كان الرفاق فيه اشد تطرفا من كوسيجن وبريجنييف وكان الشيخ علي السليماني عالم الدين الأزهري وأبن شبوة يقول دائما في مجالسه في سبعينيات القرن الماضي: أسمعوا بريطانيا لم تخرج من الجنوب ولازالت فيه؟!!
كان الكثيرون من جلسائه من أبناء الجنوب يسخرون من كلامه بعد انصرافهم من مجلسه ويتهامسون فيما بينهم : أنه شيخ خرف لا تصدقوا كلامه؟!
كيف تكون موجودة وهي تركت الجنوب للشيوعيين ؟؟
واتضح لاحقا أن ما قاله الشيخ السليماني هو عين الحقيقة وقد أيده في ذلك القاضي عبد الوهاب قطران الذي ذكر جزءا من الحقيقة لما يجري في اليمن وقال:
((المعركة عبثية في اليمن ولن يحسمها احد من طرفي الصراع شرعية وانقلاب ، لان كليهما بدون أي شرعية دستورية أو ثورية أو شعبية يتقاتلا بدون مشروع سياسي وطني ، حرب بالوكالة وليست من اجل الوطن والمواطن ..
يتقاتلان من اجل تسليم الساحل والجزر والنقاط الإستراتيجية للاستعمار الجديد ، يخوضان حربا بالوكالة في مربعات محددة بالمنقلة والمسطرة والقلم ، ولتنفيذ خرائط تقسيميه استعمارية بريطانية ، حرب بالوكالة مرجعية طرفي الصراع واحدة ، وتدار المعركة من الخارج ..
والقوى المحلية فيها مجرد أدوات ..المشروع اكبر من كل العرب ، وقرار الحرب والسلم بيد صاحب المسرح الكبير الممسك بملف اليمن بمجلس الأمن "بريطانيا العظمى)).
و ختاما أقول إن الوضع في اليمن أشبه ما يكون بهذه القصة :
تخاصم ضِباعٌ وثعالب على فضلةٍ من بقايا طعام الأسد، فوصل الخلاف إلى أن يُجَنِدَ كلٌ منهم ما يستطيع من حيوانات الغابة استعدادا لحربٍ ستدوم طويلاً .. حشدوا الجيوش وبدأت معارك عاتية،أ زُهِقت فيها الأنفس وتطايرت الرؤوس، وبعد حينٍ من الدماء، قرروا التفاوض، فتوصلوا إلى اتفاقية تم من خلالها إعلاءُ شأن الطرفين كُلٌ حَسبَ مَفهومه، فتَشَكلَت لِجنةٌ من مجموعة حيوانات لإحصاء عدد القتلى والأسرى، فوجدوا أن ضحايا الفريقين من الأرانب!!
هل وصلت الرسالة ؟؟؟ّ!!
د. علوي عمر بن فريد