الكلمة الصادقة هي ضمير الكاتب صاحب القلم الحر والفكرة الشريفة ..الذي يَقع على عاتقه همٌ كبير ومسؤوليةٌ عظمى وخطيرة ، ..خاصة في وطنه عند اشتعال الحروب والأزمات الطاحنة التي تتفجر في ربوعه !!
ومن أهم واجباته مخاطبة ضمائر الشرفاء وبث الروح الوطنية والقيم السامية و العمل على الارتقاء بفكر أجيال الوطن وصناع المستقبل حتى يكونوا في مستوى الأحداث التي تكاد تعصف بالوطن في هذا الزمن الرديء الذي تراجعت فيه القيم والمثل والأخلاق النبيلة وازدهرت أسواق النخاسة وبيع الأوطان من قبل الأقزام من أبنائها.. فتلك كارثة ولكن الأدهى والأمر عندما ينحى القلم وصاحبه المنحى الخاطئ ، وعندما يتكلم القلم بلسان عربي ويتوجه توجهاً أعجمياً ، فإن هذا القلم المأجور يثير الفتن والحروب الداخلية ويدمر كيان المجتمع ويجعل منه في ذيل المجتمعات والشعوب ..!!
وتستند صناعة التضليل الإعلامي إلى تقنيات في التأثير والإقناع لتوجيه المتلقي للإيمان بأفكار معينة تخدم "رعاة الضلال"..حتى إنك تجد أكثر من وسيلة إعلامية تقدم الأكذوبة نفسها، كأنهم تواصَوا بها، بينما ما يحدث أن أنهم تخرجوا في مدرسة واحدة، بمناهج واحدة، وتوجهات واحدة، ومدرسين لا يتغيرون..إنها مدرسة "التضليل الإعلامي "
وقد صدق الكاتب الأمريكي هربرت شيللر حين قال في كتابه "المتلاعبون بالعقول": "مَنْ يسيطر على وسائل الإعلام..يسيطر على العقول"
.في اليمن، هناك 19 قناة، 5 منها حكومية، و14 قناة خاصة معظمها تبث من خارج البلاد، وقد استولى الحوثيون عند سيطرتهم على صنعاء على معظم هذه المحطات، فأصبحت القنوات الرسمية تبث باسمهم، وأبرزها الفضائية اليمنية، وقناة «سبأ» الفضائية، حتى أن ناشطين يمنيين شكوا من أن الفضائية اليمنية تبث الأذان على الطريقة الشيعية!!.
الكاتب الصحافي كمال زكارنة يؤكد أن «مد يد المساعدة الإيرانية للحوثيين لم يأتِ من دون أهداف، ولكن ستظهر نتائجها على المدى البعيد، وأهم الأهداف الإيرانية في اليمن هو استنساخ تجربة تأسيس حزب الله اللبناني، كما حصل في كل من سوريا والعراق، فتزويد الحوثيين بالخبراء العسكريين والأسلحة وغيرها، إنما يأتي ضمن إستراتيجية بناء أرضية صلبة لهم!!».
ويضيف: «وفي حال ظهور حزب الله في اليمن بشكل فعال وقوي، وهو ما يحدث اليوم .. فذلك سيشكّل خطورة، ليس على اليمن وحده، وإنما على دول المنطقة العربية الرافضة للسياسات الإيرانية التوسعية، ونجاح هذا الاستنساخ سيعزز نفوذها ومساعيها إلى وضع يدها على دول أخرى مستقبلاً، وبالتالي، هذا التصور يستدعي وقوف الدول العربية جنباً إلى جنب، وحماية اليمن والمنطقة من هذه الويلات!!».
وأشار تقرير لمعهد «غلوبال ريسك اينسايتس» البريطاني إلى أن إيران تمددت عبر استنساخ نموذج ميليشيا «حزب الله» داخل دول المنطقة، بذريعة الدفاع عن أمنها القومي، وتأمين حدودها الخارجية. وأصبح الطريق من طهران إلى بيروت ليس معبراً لنقل الحرس الثوري وفيلق القدس والأسلحة والإمدادات فحسب، بل الأيديولوجية والنفوذ في عمق الأراضي العربية أيضاً.
وهنا يأتي دور الكتاب والإعلاميين بصورة عامة ونخاطبهم بالقول :
أيها الكاتب تمتلك بقلمك أن تكون سلطانا على عرش القلوب، فيحبك جمهورك من القراء، لأن كل واحد منهم يجدك تحلم معه، ترسم بقلمك لوحة مشرقة له بعد أن خيم الظلام وأسدل أستاره على حياته التي فقدت ألوانها وتحولت إلى كتلة محترقة من السواد والرماد.. ودورك هنا أن تبحر بقلمك وتتحرك بداخله، فتقرأ له ما دونه وسجله في سنوات عمره وتدخل في ذاكرته، فتعبر عن كل الصور والمواقف والتجارب المضيئة التي قرأتها صوتا وصورة .. وترسم له الحروف والكلمات التي تمتلك قاموس لغتها الأصيلة ببراعة إبداعك!! .
إنك أيها الكاتب سفير الكلمة الصادقة المخلصة، وبقلمك تقدر أن تكسر حاجز الصمت الذي يخرس ألسُناً عن التعبير، وتنطلق في فضاء المعرفة بأجنحتك، فتلتقط ما يناسب المواقف فالرجال مواقف والمجتمع بكامله سينتفض معك بعد أن هزته كلماتك الصادقة والمعبرة .
لقد تعب القارئ من أقلام انكسرت على أسوار اليأس وحافة الصمت، ومن أقلام تشعر بالهزيمة والخوف والضعف، ومن أقلام تحجر على الكلمة، وتقتل المعنى، وتدمر الفكرة، وتحجزها داخل عالم مظلم جامد .
إن القارئ اليوم ينتظر أقلاما تستيقظ من غفوتها، وتتخلص من عجزها وجمودها، فتهب نشطة تنطلق كالسهم يصيب الهدف!!
وكما نرى من حولنا فوسائل التواصل الاجتماعي في الانترنت تعج بالحروب الكلامية والاعتراضات والمعلقون دائماً ما يحتجبون خلف ستار السرية ويضعون على رؤوسهم طواقي الإخفاء مما قد يجعلهم يكتبون ما يتحاشون قوله وجهاً لوجه لسببين :
أما جبنا وخوفا من ردة الفعل أو أنهم غير مقتنعين أساسا بما يطرحون من أفكار وخاصة عندما يتحول النقد إلى شخصية الكاتب لا لفكره !!
أما الاختلاف فهو شيء طبيعي وصحي ولكن يجب على كل مخالف أن يتعلم فن الاختلاف ويتقن أدواته حتى يُسمع منه ويكون لرأيه وجاهة فتصل فكرته ويحقق الهدف المفيد خاصة إذا كانت مسئولية الكاتب طرح قضية وفكر فمسئولية الناقد تقييم هذا الفكر، وتسليط الضوء عليه.
ومن الممكن أن يختلف النقاد والمشاركون على تقييم هذا الفكر، أما أن نقف ونوزع الاتهامات بالتجريح وإلصاق التهم بالمجان وفي النهاية تدخل المشاركات في إسفاف وسوقية
ومغالطات.. فهذه ألفاظ لا ينبغي أن تخرج من المثقف !!
أتعجب من أصحاب الأقلام المأجورة، باعة المبادئ، الذين باعوا أقلامهم بحفنة من عرض رخيص زائل، وسطروا من الفجور والضلال والنفاق ما إن مزج بماء البحر لمزجه خبثا ونتنا وعفنا. وقد جندوا أنفسهم لهدم المجتمعات وبث بذور الشر والفساد والفتن،وأقول لهم : كفوا أذاكم وشروركم عن وطنكم وأهله وأذكرهم أن المكر السيئ يحيق بأهله فالأشخاص زائلون والأوطان باقية !!
أما الكاتب الحر الشريف فهو يحتاج للحرية الكاملة لكي يعبر عن ما بداخله لكن إذا فرضت عليه بعض أنواع الرقابة والنقد اللاذع نجده قليل الإنتاج بسبب عدم صلاحية المناخ الذي يعيش فيه الكاتب، فمسئولية صاحب القلم أكبر بكثير من تلك التعليقات المحبطة، فلنتجاوز عنها لأننا نكتب لمصلحة وطن قبل أن تكون مصلحة أفراد حالمين أو ناقمين أو ساخطين على كاتب.وختاما :
إن الحجارة لن تسد مجرى النهر ولن تغير طريقه وهناك بيتين خطرا على بالي تناسب هذا المقام:
إذا أقسم الأبطال يوماً بسيفهم وعدوه مما يكسب المجد والكرم
كفى قلم الكتاب عزاً ورفعة مدى الدهر إن الله أقسم بالقلم
د. علوي عمر بن فريد