اليمن والإصلاح والظاهر والباطن !!

2019-03-18 18:47

 

(شهد اجتماع الرئيس عبدربه منصورهادي لمستشاريه يوم السبت الماضي مشادات واتهامات بين المستشارين كادت أن تتطور لعراك بالأيدي حول جمود جبهات الجيش الوطني التي يقودها علي محسن الأحمر و قضية سقوط حجور والتي اجمع الجميع ما عدا الأحمر والعامري أنها كانت بسبب فشل وعدم مسؤولية وربما تواطؤ قيادة الجيش وهيئة الأركان ووزارة الدفاع.

وشهد الاجتماع مشادات بين عبد العزيز المفلحي وعلي محسن الأحمر حيث وجه المفلحي اتهامات مباشرة للأحمر بان عدم تحركه لإنقاذ حجور هو عمل مقصود وغير مسئول كما وجه المفلحي كلامه للأحمر بقوله: إما أن تقوموا بأدواركم الوطنية لمواجهة المليشيا الانقلابية أو تقدموا استقالاتكم!!!)

ونحن نقول :

عبد العزيز المفلحي رجل مخلص يضع النقاط دائما على الحروف ولأنه لا يقبل الضيم والخنوع فقد أعلن موقفه بكل شجاعة ..وهو يعلم يقينا أن "الشرعية "هي رأس الفساد في اليمن ومهما قال فلا حياة لمن تنادي !!

وما جرى في حجور من خذلان وتواطؤ دليل حي على ما نقول!!

فحزب الإخوان الإرهابي يرى أن اليمن آخر حصونه في الجزيرة العربية، لذلك يسعى عبر حزب الإصلاح اليمني ورموزه في الشرعية إلى السيطرة على اليمن واستغلال ما يمر به من أوضاع لتحقيق مكاسب سياسية حتى وإن تحالف مع عدو الأمة الحوثي في أوقات كثيرة..!!

الإصلاح خائن ويطعن قوات المقاومة اليمنية والجيش الشرعي يومياً في الظهر وهو يقبض الأموال من القطريين والإيرانيين, وهو الحزب الباطني الذي يغالي في التدين ، ويبالغ في الظاهر ، ولا تأخُذ منه لا حقًّا ولا باطلًا، ولا تعرف له ظاهرًا من باطن، يعطيك نصف الكلمة، ويبلع النصفَ الباقي، إذا شعَر أن فكرتَه وصَلت إليك، يبدأ باللف والدوران، يُكثِر من الصمت حتى لا يكاد يُبين، يتلوَّنُ بصورة مدهشة، متقلب في أمورِه كلها، لا تكاد تعرف منه ما يريد حتى لو أوضَح وأفصح، لا يتكلَّمُ كلمةً إلا تلفت عن يمينه وشماله، وفوقه وتحته، وأمامه وخلفه.!!

 

يُظهر لك الودَّ وهو سم زعاف، يُبدي لك قناعةً ويُخفي غيرها، يُكلِّمُك في المشرق وهو يريدُ المغرب، أمورُه مخلطة مشوشة، لونُه باهت لا تستطيع تحديدَه بشكل دقيق، قادر على التكيُّف في كل بيئة، عنده ولَعٌ بخداعِ مَن أمامه، ومن خلفه ويشعر بسعادة لا نظيرَ لها وهو يفعل ذلك، يتمتع بأساليبه الالتوائية!!

وهاهي الحرب في اليمن على مشارف الدخول في عامها الخامس وربما يصل عمرها الافتراضي إلى عقد آخر سيعاني فيه الشعب اليمني الكثير من إزهاق آلاف الأنفس البريئة وخراب الديار وحتى الأشجار والآثار والأحجار لن تسلم من نار الحرب المستعرة ..مرت أربع سنوات وقوات الاصلاح المتدثرة بالشرعية والحوثي أساسا عصا واحدة انقسمت إلى قسمين :

نصف العصا في صنعاء والنصف الآخر في مأرب ..وشعارهم غير المعلن :لكم عشرون ولنا عشرون ولهم ظاهر وباطن !!

في الوقت الذي يعاني فيه الشعب اليمني ويلات الحرب وضياع الدولة وتحكمه عصابات الحوثي بنظام الجباية القسرية ..وشرعية منخورة ومخترقة تتمدد في الفنادق خارج الوطن وتصرف مليارات الريالات على عشرات الآلاف من جيوشها الرابضة في مأرب وسببت أزمات طاحنة في كافة السلع .. بينما المواطن البسيط محاصر في عيشه ورزقه وأصبحت الغالبية منه تتسول الخبز الجاف ولا تجده!!

أما "قادة الشرعية من العسكر" فهم يبيعون كل شيء : أسلحة وذخائر بكافة أنواعها –ملابس عسكرية – وكلها تذهب للحوثيين بأسعار مخفضة حرصا منهم على توثيق الروابط والولاء المبطن وحسن الجوار بين الطرفين !!

وأصبحت الجبهات مصدر سخرية وتندر لدى اليمنيين في مجالسهم وحرب التباب كلعبة الكراسي أيام الدراسة .. لأنها باب رزق يجب استمراره !!

إن ما يحدث اليوم من حروب صورية في اليمن أصبحت مسرحية مكشوفة لدى الجميع ونسوق الدليل ..بشهادة واحد من أهلها :

"أبو محمد " شاب يمني يحمل الجنسية الأمريكية يتحدث بالصوت والصورة من " مطار الملكة عليا " بالأردن وهو في طريق العودة إلى أمريكا بغد زيارة قصيرة لليمن ويقول :

أنا جئت إلى اليمن هل تصدقوني ..والكذاب ملعون والله إن في نقطة للحوثيين ونقطة أخرى مقابلها للشرعية والمسافة بينهما لا تزيد عن عشرين مترا ..والجميع مخزنين قات ومتقابلين على المتاكي ويتبادلوا القات والماء والسجائر !!

قلت لهم : انتوا جننتونا ..كيف هذا يا جماعة ؟؟!!

قالوا لي : عادي كلنا إخوان !!

وختم حديثه بالقول : أقول لكم هؤلاء با يخدعوكم ..والله إنني شاهدت ذلك بعيني والجماعة كلهم أصحاب ..وأنتم تتلاعنوا وتسبوا بعض على الفيس بوك ..والجماعة والله ما بينهم شيء !!

ونحن نقول : إن ما يحدث اليوم في اليمن : أن التاريخ يعيد نفسه ففي الستينات من القرن الماضي استمرت الحرب بين الملكيين والجمهوريين سبع سنوات وهاهي الحرب تتجدد اليوم ولكن بشعارات وأدوات جديدة وتكاد تدخل عامها الخامس ..وقد تمتد لسنوات قادمة وتحضرني مقابلة شيوخ القبائل في اليمن مع عبد الناصر في صنعاء في الستينات :

عندما اجتمع الرئيس عبد الناصر بشيوخ القبائل في اليمن قال لهم :

يجب أن تقفوا مع ثورتكم من أجل تخليصكم من الإمام ؟؟

فقال أحدهم : يا عبد الناصر القبائل التي تحارب إلى جانب الإمام يستلمون مبالغ "صرفه" بينما نحن لم نحصل ريال !!! معك صرفه ولا نرجع مع الإمام ؟؟!!

والتفت عبد الناصر إلى مرافقيه وقال :

جمعتوا لي مشايخ اليمن ولا شحاتي اليمن ؟؟!!

وختاما نقول : انه تاريخ من الصراعات والحروب السلالية العنصرية والغدر والخيانة وما يتشدقون به اليوم من تعايش طائفي في اليمن هو محض افتراء وتدليس .انه نفس الصراع الممتد منذ 1200عاما ولم يكن وليدآ مضادآ لثورة 2011م بل هو في الحقيقة تحالف كهنوتي سلالي يدعي الوراثة الشرعية وحكم قبلي متخلف يتفقان معآ على نهب وسرقة الشعب اليمني ويقفان معآ ضد قيام دولة مدنية حديثة تقبل المساواة والعيش المشترك بين أبناء الشعب ولكن السؤال :

هل يمكن لمثل هؤلاء أن يتطهروا من رجس الخيانة وهي تسري في دمائهم ..وتتخلق في جيناتهم وتتوارثها الأجيال ؟؟

د.علوي عمر بن فريد