الصراعات في الجنوب من وجهة نظر محايدة

خرجت صباح أمس من كريتر في طريقي صوب قريبي في حي الشعب، في المنصورة، بالصدفة لحظت مواطن في منتصف العقد الخامس من عمره تقريبا، يقف امام فندق عدن، ملوحا بيد للمركبات التي كانت تمر بسرعة عالية، توقفت بالقرب منه، وعلى طول فتح باب السيارة وصعد بجواري بعد ان وضع مجموعة من الأشياء التي كان يحملها في يده تبين لي انها أطعمة وفاصوليا، جلبها لأسرته من احد معسكرات الجيش.

 يلف رأسه بكشيدة سوداء وشميز ازرق كاكي ومعوز أبيض بخطوط زرقاء وساعة يد تبدو قديمة جدا.

في طريق الجسر البحري، دار حديث شيق مع المواطن الذي عرفني باسمه، وقال انه يلقب بـ "جبل"، وهو من سكان البريقة (عدن الصغرى).

بدأ حديثه معي "شكرا يا ابني، أخروا علينا الراتب هذه المرة يا ابني، ماذا نفعل".

قلت   له "ولكن يا والد انت تعرف ان البلد في حرب، والأوضاع لم ستسقر بعد.

رد "هذه ما هوش عذر ما يعطوا الناس رواتبها، الحرب في عدن انتهت قبل أربعة أعوام نحن ايش لنا من علاقة بالشمال اذا لم يتحرر والذي لن يتحرر".

 قلت له :"انت تعمل في الجيش، او متقاعد".

قال :"انا يا ابني اشتغلت طباخا في فرن منذ وانا صغير، قدمت من تعز واشتغلت مع واحد من "القرية" في لحج وبعد انتقلت إلى عدن، وجلست في الشيخ عثمان، الى ان حصل موضوع التأميم وصرف لنا عبدالفتاح إسماعيل شقة في البريقة وانا اليوم ساكن هناك وتزوجت هناك ولي قريب 40 سنة، ومن يومها تم توظيفي في الجيش كطباخ في فرن الجيش".

سألت باهتمام :"كيف كانت عملية التأميم للمنازل؟.. كان عبدالفتاح وهو رئيس (الشطر الجنوبي حينها) يريد إسكان كل المشردين في الشوارع ومن ينامون في الأرصفة، وقال أي حد معه عمارة يوزع شققها على المواطنيين وتبقى له شقة وحيدة لأسرته في حين  ان الباقي توزع على العمال في الميناء والمصافي، وكل الناس، وحصلنا على شقة في البريقة عمارة واحد حضرمي".

وأردف :"عبدالفتاح إسماعيل الله يرحمه كان إنسانيا وطنيا وخدم الجميع، وهو صاحب الوحدة مش علي سالم البيض ولا علي عبدالله صالح".

وتابع حديثه بحزن "تعرف يا ابني ان عبدالفتاح إسماعيل قال لعلي عبدالله صالح في 79م، سوف نحقق الوحدة اليمنية وسيكون علي عبدالله صالح رئيس كل اليمن (الشطر الجنوبي والشطر الشمالي)، ممتدحا الرجل الذي قال انه له الفضل في حياته منذ ان جاء من تعز وهو دون الـ15 من عمره.

قال انه ممنون لمن اسماه بالشهيد عبدالفتاح إسماعيل، الذي قال انه يمتلك ذكاءا خارقا، وان له الفضل في توظيف الكثير من أبناء تعز في المصافي وميناء عدن، وان الكثير من الاسر التعزية انتقلت الى عدن وصرف لها إسماعيل شقق ومنازل ولا تزال الى اليوم تعيش يفضل هذا الرجل الصنديد الذي قتلوه لأنه كان من اشد المطالبين بالوحدة اليمنية، وقد قتلوه لأنه كان يريد الوحدة وفي قيادات في الحزب لا تريد الوحدة مع الشمال ومنهم علي ناصر محمد الذي كان رافضا للوحدة".

قلت له وبعد ماذا حصل في 86م؟، أجاب "انا كنت يومها في البريقة، الا ونسمع المدافع، قالوا في البداية انه إسرائيل هجمت با تحتل عدن وان قد الإسرائيليين في التواهي، طبعا كانت المعركة في كريتر والتواهي وكل مكان كنا نسمع المدافع والاشتباكات.

قلت له قل لي ماذا تعرف، هذا الكلام انا اعرفه.. أجاب :"يا ابني أقول لك اللي حصل بحسب ما قال لي واحد من قيادات الحزب الاشتراكي، عبدالفتاح إسماعيل كانت علاقته بعلي عبدالله صالح قوية وكان دائما يلتقي به في صنعاء وفي قعطبة، وكان يطلعه دائما على من يعرقل توقيع الوحدة، وبعد اتفق إسماعيل مع علي عبدالله صالح على الانقلاب على علي ناصر واخذ السلطة منه ومن ثم توقيع الوحدة التي كانت حلم الشعب في عدن وفي الشطر الشمالي، ولكن علي عبدالله صالح اخبر علي ناصر انهم يخططون لقتله والانقلاب عليه وهو كان في ابين، ولكنه سبقهم وفر الى الشمال، وبعدها علي عبدالله صالح تدخل وطلب إيقاف الحرب وانتقل علي ناصر، ومن ثم تمت الوحدة بين علي عبدالله صالح وعلي سالم البيض وقد اشترط علي عبدالله صالح ان يخرج علي ناصر من اليمن الى سوريا عشان الوحدة تتم وتم الوحدة".

وللقصة بقية..

#صالح_أبوعوذل