دفاعاً عن عقولنا:

2018-10-02 17:01

 

استخدام أخطاء المجلس الانتقالي الجنوبي وتحميله مسئوِلية تدهور الأوضاع لتبرئةٍ ساحة حكومة فاسدة فاشلة وسُــلطة مضعضة فاقدة لقرارها واردتها ، هو استخدام لئيم ومخادع وينطوي على مغالطات و خطورة كبيرة أقلّــها التستر على الجهة المسئولة عن تردي هذا الوضع المريع, والبحث لها ولفشلها وفسادها وفوضويتها عن شماعة هي بالأساس مثقلة بالأحمال, كما أن هذا السلوك المكشوف يعد استخفافا بعقول الناس ومتاجرة فاضحة بجوعهم وأوجاعهم.

   

أكبر خطأ- بل أكبر خطيئة- ارتكبها الانتقالي أو بالأحرى بعض قياداته - قبل تشكله-هي الشراكة التي نسجتها هذه القيادات مع الشرعية بعد الحرب مباشرة وقبلت مناصب وهمية ، وبسبب ذلك  الطُعم أدارت هذه القيادات ظهرها للجنوب وقضيته بشكل مخزي خصوصاً بعد أن دخلت معها بوضع برزخي وذاقتْ عسيلة الشرعية وذاقت الشرعية عسيلتها أيضاً حين استخدمتها جسر مرور لتحقيق مآربها الى حين قبل أن ترمي بها  الى قارعة التجاهل والتنكر، وخير ما عملتْ هذه الشرعية للقضية الجنوبية أن طردت تلك القيادات من كنفها لتعود الى حضن القضية الجنوبية ولو متأخرة بعض الشيء، وتعود الى قضبان سكتها الجنوبية.

 

لا خلاف  في أخطاء الانتقالي التي ارتكبتها قيادته قبل التشكيل وما تزال بعض الاخطاء تحدث منذ تشكيله وبالذات تقاعسه المعيب اليوم بالانخراط  الفاعل بالشارع الثائر ضد هذا الوضع المريع, ولا نجد أي مبرر للتغطية عن هذه الأخطاء خصوصا ممن هو حريص على نجاح مهمة هذا المجلس وشد عضده ليؤدي مهمته المناطة به، ولكن تحميله ما ليس له ذنْب فيه وكأنه سلطة حاكمة فهذا مالا يمكن فهمه وتقبله... فتحميل الانتقالي وِزر ومسؤولية أخطاء الجهات التي يجب أن تتحمل مسئوليتها هو تصرف معيب ويندرج ضمن حالة مناكفات سياسية وظفر بمنافع شخصية ونفاق سياسي فاضح لا يتضرر منه الانتقالي –بل على العكس فهو يزيد من رصيده الجماهيري- بل أن هذا التصرف يجعل الجهات المسئولة عن هذا الوضع المتدهور نقصد "الحكومة والشرعية" تتمادى بفشلها وتتخفى خلف هذا الستار المسمى " الانتقالي الجنوبي" لتستمر بفشلها وفسادها وتواصل بالتالي سحق الجياع تحت سنابك خيولها الجامحة,على حساب السواد الأعظم من الناس التي تتوجع وتجوع من هكذا وضع بائس ومؤلم، المساهمة في استمراره ومده بأسباب البقاء يُـــعد قمة بالانحطاط والجُــرم.

 

يقال بأن صاحب الحاجة اعمى حتى تقضي حاجته، فتبرئة ساحة هذه الحكومة وصرف الأنظار نحو جهات أخرى يذكرنا بفلسفة الرئيس السابق صالح مع معارضيه لدفع الحُــجة عن حزبه, حين كان يعمد عند كل أزمة  وعند كل أخفاق الى تحميل المعارضة المسئولية  عن ذلك، سواء بتدهور الأوضاع الاقتصادية أو بتردي الوضع السياسي وبالذات في الجنوب...ففي الوقت الذي كان ينفي فيه عن حزبه تهمه الفشل بنقيصة فساد التصرف بالمال والثروات كان يلقي  بكل المسئولية على معارضة في" أحزاب اللقاء  المشترك الحزب الاشتراكي وحزب الاصلاح وباقي الاحزاب المعارضة الأخرى" تارة, والحراك الجنوبي تارة  أخرى.

     

ففيما يخص تدهور الأوضاع الاقتصادية كنا نرفض أسلوب المغالطة التي ينتهجها صالح وحزبه، حين كان يشير الى المشترك باعتباره المسئول عن هكذا تردي، فيما نعلم جديدا أن صالحا وحزبه يمتلكون كل طاقات الدولة وثرواتها وأموالها وبنوكها ويستحوذ على القروض والمعونات والنفط والغاز والضرائب, ويقبضون على  ناصية القرارات في كل مؤسسات الدولة, وبالتالي يكون من السُــخف أن أذهب للمطالبة بمعاشي الشهري عند جهات لا علاقة لها بالسلطة ولا بالمالية ولاالبنك المركزي ومن السذاجة أن ألوم حزب أو جهة بانهيار عملة سوء أمن وهي لا تمتلك وزارة داخلية وأدات أمن وقوات عسكرية, كما انه من البلاهة أن نصدق أكذوبة ان المسئول عن انهيار العملة وتصاعد الاسعار وتردي الوضع السياسي وتفاقم الأزمات هي  جهات لا تمتلك شيء من أدوات التغيير والتحكم والثروات، مثل احزاب المشترك كما ظل نظام صالح يشتت أذهاننها به..ليس دفاعاً عن هذه الأحزاب فهي أحزاب لا تقل فسادا وفشلاً وانتهازية عن الحزب الحاكم حينها "المؤتمر الشعبي العام"،ولكن دفاعاً عن عقولنا وخشية عليها مِــن أنّ تُصادر وتُـنتعل، عقولنا التي يتم اليوم تكرار محاولة مصادرتها كما صُــدرت أقواتنا من نفس مدرسة الفساد والفشل القديمة- الجديدة-...فيا لهُ من زمنٍ مضرج بالخداع والبشاعة.!

 * صلاح السقلدي.