شهدت جلسة مجلس الأمن الدولي التي عقدت حول اليمن هذا الأسبوع موقفا سلبيا وصادما من المبعوث الدولي الجديد "مارتن غريفيت" وذلك لوقوفه مع رؤية الانقلابيين خاصة بما يتعلق بمعركة تحرير الحديدة !!
والغريب في الأمر أن مجلس الأمن دعا في بيان له كل الأطراف للانخراط بشكل بناء في جهود الأمم المتحدة للمضي نحو حل سياسي في اليمن وطالب بأن يبقى ميناء الحديدة مفتوحا وهي دعوة تجاهلت كلية دعوة الحكومة اليمنية الشرعية تنفيذ إجراءات أمنية في خروج الحوثيين من الحديدة ومينائها !!
هذا المبعوث طيب الذكر غريفيت والثالث الذي ترسله الأمم المتحدة إلى اليمن بعد فشل من سبقوه في مساعيهم التي لم تخرج عن إطار التراخي والاسترضاء والمهادنة للحوثيين !!
والغريب أن الأمم المتحدة قد ساوت في معاملاتها بين الجلاد والضحية ففي الوقت الذي اصدر مجلسها " الموقر " قراره رقم (2216) إلا انه يساوي بين الشرعية والانقلابيين ليس هذا فحسب بل وصل الأمر إلى أن مندوبيهم السابقين وصلا إلى حد الترجي واستعطاف الحوثيين بل وفي نهاية المطاف إلى تبني رؤيتهم .
وكما قال السيد يحيى أبو حاتم :
( أصبحت هذه المنظمة الأممية تدير الأزمات في الدول العربية فقط وليس حلها .. وكل ما اشتد الخناق على الميلشيات الحوثية هرولت وظهرت بمبادرة لمحاولة الإبقاء على الميلشيات الحوثية )
وهنا تبرز العديد من الأسئلة حول الأمم المتحدة وبمجلسها الدائم :
ماذا فعلت الأمم المتحدة ومجلس الأمن عندما زحف الحوثيون على ( دماج ) وهجروا عشرة آلاف يمني من منازلهم وأعمالهم ؟
أين انتم عندما اجتاح الحوثيون عمران وصنعاء وطردوا الشرعية منها وتم قتل مئات اليمنيين واختطاف عشرات الناشطين والحقوقيين والإعلاميين رجالا ونساء .. لم نسمع صوتا واحد للأمم المتحدة !! ؟؟
ماذا فعلت الأمم المتحدة عندما اجتاح الحوثيون وقوات المخلوع صالح مناطق الجنوب وقتلوا مئات الجنوبيين وفجروا منازلهم !؟
أين انتم يا مجلس الأمن عندما غزا الحوثيون عدن وارتكبوا عشرات المجازر ؟ لعل أشنعها مذبحة حي السياح في التواهي التي راح ضحيتها 47 شهيدا وأغرقوهم في البحر !!
بل وأين انتم حتى من تعز المحاصرة منذ 3 سنوات وهذه السنة الرابعة ويموت المرضى في المستشفيات لانعدام الدواء و الاوكسجين .. بل وسقوط عشرات القتلى جراء القصف الحوثي حتى تفحمت الجثث وبعضها لم يقبر في مقابر المسلمين !!
ناهيك عن الحصار والجوع والكوليرا .. والأمم المتحدة تتفرج !!
ولم يستطع ممثلوها حتى من توزيع مساعدات دول التحالف وخاصة السعودية منها.. وتنهب الشاحنات تحت سمعهم وبصرهم ولم يحركوا ساكنا حتى قيل أن لهم عمولات مقابل تقاضيهم !! ؟؟
ومع الأسف الشديد هناك حكومتان في اليمن واحدة شرعية والأخرى انقلابية وتتعامل معهما الأمم المتحدة بالتساوي ونحن نسأل :
ماذا فعلت الأمم المتحدة ومجلسها الدولي ( عصبة الكبار ) الذين يتحكمون بل ويديرون أزمات العالم وحروبه خاصة في العالم العربي .. وبمجرد أن يرفع احدهم يده ..يبطل تصويت 14 دولة أخرى كلها أعضاء في مجلس الأمن .. بل ويفرض إرادته على أكثر من 193 دولة عضو في الأمم المتحدة ؟؟!!!ّ .
وإذا أخطأ التحالف العربي في غارة واحدة نتيجة معلومات مضللة أقامت الأمم المتحدة الدنيا ولم تقعدها !!
ونقول بصراحة لقد أفقدت الأزمة اليمنية الأمم المتحدة هيبتها الدولية التي لم تسجل أي نجاح خلال الأزمة اليمنية بما في ذلك فرض القرار 2216 !!
وبعد قرار التحالف العربي إغلاق المنافذ اليمنية لإيقاف تهريب الأسلحة الإيرانية للحوثيين ومنها الصواريخ البالستيه التي أطلقت باتجاه المدن السعودية تعالت أصوات مسئولي الأمم المتحدة فجأة للمطالبة بفتحها بداعي إيصال المساعدات رغم غياب آلية مناسبة لإيصال تلك المساعدات للمحتاجين التي تنهب وتحويلها إلى ما يسمى ب ( المجهود الحربي ) !!
إن سجل الأمم المتحدة حافل بإخفاقات عديدة في حل أو حتى إدارة النزاعات حول العالم وخاصة في الشرق الأوسط .. فشل ذريع لوقف الفوضى والعنف بل والمؤسف على قلب الحقائق ونشر معلومات مضللة عن الشرعية والتحالف العربي ومع ذلك فان مندوبها الجديد إلى اليمن ابلغ مجلس الأمن بأن يدار ميناء الحديدة بين الأمم المتحدة وجماعة الحوثيين !!
وكلنا يعلم أن الوجود الإيراني في صنعاء مستتر بل ونجزم أن أيادي إيران تعمل من وراء الكواليس بما في ذلك الخبراء والمستشارين وتمدهم بالألغام البحرية والصواريخ .. ومجلس الأمن يعلم ذلك ولا يدين أي أفعال صادرة من إيران في اليمن .
إن الحرب في اليمن تديرها دول كبرى وأطراف دولية لها مصلحة لاستمرار الحرب خاصة الدول الغربية وروسيا فهؤلاء جميعا متفقون على إطالة أمد الصراع وليس الحل السياسي أو الحسم العسكري بل المطلوب هو استمرار القتال وهناك اتفاق بين الكبار على ما يلي :
- توافق على تقاسم الامتيازات النفطية في شمال وجنوب شرق اليمن.
- حيادية الاستثمار والموانئ الجنوبية الأربعة بما فيها عدن للهيمنة على مستقبل عدن الاقتصادي والسياسي .
- التوافق مع الحوثي على منع أي صراع دموي داخل الحديدة ومينائها الذي يدر دخلا يعادل 70% للحوثيين .
- التمهيد لسيطرة نفوذ غربي مباشر بحجة إقامة مناطق آمنة للمدنيين
- إقامة حكم ذاتي للجنوبيين وضمان سيطرة القوى الدولية لتأمين مصالحها الدولية وإخراجها من دائرة الصراعات السياسية والقبلية واتفاق ( روسي – أمريكي – بريطاني ) على تقاسم مشترك للنفوذ في باب المندب والجزر .
- إقامة حكم ذاتي في شمال الشمال ( مناطق المذهب الزيدي ) لغرض لعبة أممية جديدة ودور قادم للحركة مستقبلا .
هذه هي لعبة الكبار في اليمن ولكن لأن هناك مصلحة لتلك الأطراف وخاصة صانع وبائع السلاح الذي من مصلحته استمرار الحرب وهو الذي يحدد توقفها متى شاء !!.
والسؤال الغائب الحاضر الذي لا نستطيع الإجابة عليه هو :
ما هو دور دول الإقليم بعد هذه التسويات في هذه الحرب الضروس ؟؟
د. علوي عمر بن فريد