الموت هو الشاهد الحاضر في اليمن وخاصة في المائة عام الأخيرة حيث لا يكاد يفارقها ..قرن من الحزن والألم والبكاء يعصر أهلها على جدران الزمن ...والبيوت تئن بحيث لم يبق لليمنيين إلا شيئين :
1 – الحزن والفجيعة ورائحة الموت التي دخلت كل بيت .
2 –البكائيات على التاريخ الذي أندثر والحضارات البائدة ، والحكمة الضائعة ، والإيمان المفقود .
نعم لم يبق لنا إلا التغني بالأطلال والرسوم المندثرة والبكاء على جدران الأزمان السحيقة التي شهدت عصور الازدهار في : سبأ ومعين وشبوه وحضرموت وأوسان وقتبان ..هذا إن بقي لنا شيء منها لم ندمره أو نبيعه بدراهم معدودة جهلا وانتقاصا من قيمتها الحضارية !!
نعم حتى رسالة الإسلام الخالدة التي عبر بها اليمانيون البحار وهم يفتحون البلدان والقلاع والحصون حربا وسلما حتى عمت فتوحاتهم الآفاق ..واستشهد منهم آلاف الأبطال في سبيل الله مسترخصين أرواحهم لإعلاء كلمة الله ..حتى شهد لهم نبينا الكريم سيدنا محمد بالحكمة والإيمان ولكنها ماتت معهم ... وترك لنا أجدادنا الميامين ذكريات إرث كان يمكن أن نفاخر به الدنيا إلى قيام الساعة .. ولكننا لم نحافظ عليه و لم نعمل به !!
ودون أن نسأل أنفسنا : ماذا قدمنا نحن الأجيال الحاضرة وحتى من سبقونا بعشرات السنين ؟
ماذا قدمنا للإسلام أولا..ولليمن ثانيا ..ماذا قدمنا غير الحروب الأهلية والسقطات والانتكاسات والخيبات ؟؟
الم تصبح بلادنا اليوم مفتوحة على مصراعيها لممارسة القتل والإرهاب .. وساحاته دون أبواب ولا أسوار ..وضد من ؟؟ ضد بعضنا البعض .. حتى استوطن الموت ديارنا والحرائق والقتل بيوتنا ؟؟
ماذا فعلنا في بلادنا خلال المائة عام الأخيرة ؟؟
تقول لغة الأرقام ما يلي :
- خضنا 22 حربا داخلية ضد بعضنا البعض .
- قمنا بتسعة انقلابات عسكرية و6 ثورات .
- حرب الإمام يحيى حميد الدين ضد بيت شرف الدين .
- حرب الإمام يحيى ضد السعودية عام 1932م .
- ثورة عبدالله الوزير عام 1948م ضد الإمام يحيى .
- ثورة الثلايا ضد الإمام أحمد عام 1956م .
- ثورة الضباط الأحرار ضد الإمام أحمد عام 1962م .
- الحرب الأهلية بين الجمهورية والملكية خلال الفترة من 1962م – 1970م .
- الحرب الأهلية في الجنوب بين التحرير والقومية عام 1967م .
- الانقلاب على السلال في 5 نوفمبر عام 1967م .
- الانقلاب على قحطان الشعبي عام 1969م .
- حرب الوديعة ضد السعودية عام 1969م .
- الانقلاب على عبد الرحمن الارياني عام 1974م .
- الحرب على عمان من خلال الجبهة الشعبية في ظفار .
- الحرب الشطرية الأولى عام 1972م .
- اغتيال الشهيد إبراهيم الحمدي في 14 أكتوبر عام 1977م.
- الانقلاب ضد سالم ربيع علي عام 1978م .
- اغتيال الغشمي يونيو عام 1978م .
- انقلاب الناصريين عام 1978م في صنعاء .
- الحرب الشطرية الثانية عام 1979م .
- زرع 3 مليون لغم في اليمن الشمالي عام 1982م.
- أحداث 13 يناير في عدن عام 1986م .
- حرب الانفصال عام 1994م .
- حرب جزر حنيش عام 1995م .
- حروب صعده الستة ضد الحوثيين.
- ثورة الشباب عام 2011 م في اليمن .
- حروب القاعدة في الشمال والجنوب في الفترة من عام 2011 م حتى 2014م .
- حرب الحوثيين حتى دخول صنعاء عام 2014 م
- حرب الحوثيين حتى دخول عدن عام 2015 .
- حروب الشرعية مع عفاش والحوثي منذ عام 2015 حتى اليوم .
- حروب قبلية بين القبائل اليمنية لمدة مائة عام .
والسؤال الذي يطرح نفسه هو الآتي : ما هي نتائج تلك الحروب الدموية الأنفة الذكر ؟
- هجرة ملايين اليمنيين خارج بلادهم .
- أكثر من 8 مليون عاطل عن العمل .
- أكثر من عشرين مليون تحت خط الفقر
- أكثر من 6 مليون أمي .
- الصحة والتعليم الأسوأ في الشرق الأوسط
- اليمن الدولة الأفقر في الشرق الأوسط والعالم
- أكثر من مليون قتيل و 2 مليون يتيم
- ضياع أكثر من 300 مليار دولار بسبب الحروب
وأخيرا وليس آخرا فأن اليمن دخل دائرة صراع مغلق قد لا تفتح أبوابها إلا بقدرة العزيز الحكيم !!
اليمن يتلاعب بأقدارها وحاضرها ومستقبلها أبناؤها الذين ارتضوا المهانة لأنفسهم.. و أن يتحكم الغير في رقابهم حتى أصبح اليمانيون مهانون في أصقاع الأرض.. لا يجدون ظلاً يقيهم حر الشمس.. ولا عدلا ينصفهم من جور الظلم.. ولا أمان ينجيهم من القتل والخوف !!
إن ساروا في طرقات بلادهم حتى على أطراف أصابع أرجلهم بترتها الألغام !!
وان هاجروا غرقوا وماتوا وهم يعبرون البحار !!
وان حاولوا السفر أهينوا وأعيدوا من حيث أتوا
لقد نهضت الأمم والشعوب من حولنا ونحن مازلنا أسرى خلافاتنا وحماقاتنا.. وتلاعب السياسيون
بنا... فهم كالقردة إذا تعاركوا افسدوا الزرع ...وإذا تصالحوا أكلوا المحصول ..
وللحديث بقية في الحلقة القادمة .
د.علوي عمر بن فريد